يسأل فقراء الجنوب وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجّار: أين المساعدات؟ انتظر الكثيرون اتصال الوزارة بهم، أو زيارة أحد مندوبيها لتسجيلهم في «المساعدة المزعومة»، غير أن آمالهم خابت، فالمساعدات المالية كانت من حصّة «الميسورين» وأصحاب المصالح الكبرى.
لم يصدق بائع الخضر حسين أنّ جاره صاحب محطة المحروقات حصل على بطاقة «أمان»، في حين أنه حُرم من هذه البطاقة، وهو يواجه وضعاً معيشيّاً صعباً وتحتاج زوجته إلى علاج مستمرّ، أسوة بالكثير من أبناء محافظتي الجنوب والنبطية، وذهبت البطاقة نحو «المحسوبيات». وتؤكّد مصادر مطلعة، أنّ «تنفيعات حزبية»، أتت على حساب الفقراء الذين لم يزرهم مندوبو الوزارة، ولم تصلهم الـ300 دولار «فريش».
تُسيطر حال الإستياء على أبناء المحافظتين، خصوصاً مع اشتداد الأزمة، وأصبحت الحاجة إلى الدعم ضرورية. ما يطرح السؤال: وفق أي معايير تعطى البطاقة؟
قبل مدة قصيرة أعلن حجّار بدء توزيع دفعة جديدة من بطاقة الدعم، ولكن لمن ذهبت البطاقة؟ في جولة بسيطة على المحظوظين تبيّن أن الغالبية هي من الميسورين والمحازبين وأصحاب المصالح المنتجة.
يعمل إبراهيم لقاء بدل يومي يُساوي دولاراً واحداً، ويعيش في غرفة صغيرة مع ابنه وزوجته. قبل عام تقريباً تقدّم بطلب للحصول على «أمان». ظنّ أنها مخصّصة للفقراء أمثاله، غير أنه تفاجأ أنّ من حصل عليها «ميكانيكي» السيارات الذي يحصّل مئات الدولارات شهريّاً، ويملك شقّة فخمة وسيارات وغيرها. ويقول ابراهيم: «في وقت أعجز عن شراء الدواء وملء خزان الدراجة النارية بالبنزين، فمن الفقير أنا أو الميكانيكي، أو التاجر؟!».
ويشير عماد إلى أنّ «زوجة شقيقه التابعة لجهة سياسية حصلت على البطاقة، كل عائلتها حصلت عليها، علماً أنهم غير محتاجين لها». يسخر مصدر متابع للملف «كيف لصاحب محل للألبسة، يعمل ابنه في مجال الكهرباء ويتقاضى راتباً كبيراً من إحدى الجهات الحزبية أن يحصل على بطاقة الفقراء؟».
عمليّاً معظم الذين حصلوا عليها هم مدعومون سياسيّاً أو تابعون للقوى الحزبية، أما الفقراء أنفسهم، فلا يزالون ينتظرون أن يقرع مندوبو الوزارة أبوابهم، كما هو حال خديجة التي سقطت في امتحان الشؤون، لأنها «تملك غسّالة لملابسها».
وتلفت المصادر إلى أنّ «البطاقة تحوّلت تنفيعة حزبية لكسب المؤيدين». ويعتب الناس على الشؤون الإجتماعية نفسها التي تعمل وفق قولهم «لمصلحة القوى الحزبية وتضع الأسماء الخاصة بها وتحديداً الأغنياء، ولا يستبعد بعض الأهالي قوله «دكانة الشؤون في خدمة الأحزاب».
مصدر في وزارة الشؤون، يؤكّد أنّ «غالبية البطاقات حصل عليها الأغنياء الذين يأتون بسياراتهم الحديثة لاستلامها، لا معايير واضحة لتوزيع البطاقات، فالفقراء يحرمون منها لأنهم يملكون تلفازاً أو أثاثاً، في حين أنّهم يغضّون الطرف عن الأغنياء، ممن يملكون القصور والأبنية وغيرها».
أمّا عن دور المندوبين، فيشدّد المصدر على أنّ العديدين منهم تابعون للقوى السياسية، وينفّذون تعليماتها، بقبول أو رفض أي طلب، وما يجري هو نتيجة حتمية لذلك. إزاء ما يحصل يطالب الأهالي الوزير حجّار بفتح تحقيق شامل للكشف عمّا يحصل، لأنه من غير الجائز أن يُحرم الفقراء حتى من بطاقة الدعم كخشبة خلاص لهم.