للأزمة فوائد في لبنان. فما يشهدُه مكتب حماية الملكيّة الفكرية في وزارة الاقتصاد والتجارة هو هجومٌ غير مسبوق على تسجيل العلامات التجاريّة، في وقتٍ فتحت فيه الأزمة الاقتصادية والمعيشيّة منفذ أملٍ تحت شعار “ابتُكِر وصُنع وسُجّل في لبنان”.
حتّمت الضائقة التي يعيش تحت رحمتها اللبنانيّون، معطوفة على انخفاض حركة استيراد السّلع والبضائع، ابتكار حلول عمليّة للصمود عبر خلق منتجات وعلامات تجارية جديدة تدرّ على اللبنانيّين العملة الصّعبة. وأوّل خطوة ضروريّة عند تأسيس أيّ “بيزنيس” هو تسجيل العلامة التجارية في وزارة الاقتصاد لحماية المُنتج والاسم وحتّى الفكرة لو مهما كانت.
يشرحُ مدير مكتب حماية الملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد الدكتور وسام العميل لموقع mtv ما يحصل في هذا الصدد: “يستفيد عدد كبير من المواطنين أو حتى من أصحاب العلامات التجارية الأجنبيّة من رسوم التسجيل التي لا تزال هي نفسها رغم انهيار الليرة اللبنانيّة، فتسجيل أي فكرة أو علامة تجارية يكلّف زهاء مليون ليرة لبنانيّة، ما كان في الماضي حوالي 650 دولاراً، أمّا اليوم فالمبلغ هو 10 دولارات فقط، والمُفارقة أنّ 50 في المئة من العلامات التي تُسجّل هي لشركات أجنبيّة”، مشيراً الى أنّ “معظم المؤسّسات والمنتجات الجديدة هي في مجال الصناعات الغذائية والمشروبات على أنواعها، بالإضافة الى تسجيل عدد كبير من الشركات التي تعمل في مجال الطاقة الشمسيّة”، ويعتبر أن “ما يُبرّر هذا الأمر هو اندفاع الناس الى قطاعي الصناعة والزراعة بعد ارتفاع أسعار السّلع المُستوردة”.
وفي سيّاق مُنفصل، يُسلّط العميل الضوء على “الوضع السيء للمكتب الذي يعمل فيه الموظفون في ظروف صعبة جداً بعدما تضرّر بشكلٍ كبيرٍ من انفجار المرفأ، ولم يتم تأهيله بشكلٍ لائق لكي يستعيد نشاطه كما يجب، ويستوعب هذا الكمّ من الطلبات”.
في المقابل، تولي المنظمة العالميّة للملكية الفكرية WIPO أهمية كبرى للملكية الفكرية في منطقة الشّرق الأوسط وتحديداً في لبنان. وفي هذا المجال، يعتبر ممثّل المنظمة عمر عبر العزيز عبر موقع mtv أنّه “من الضروري نشر ثقافة الملكية الفكرية في البلدان النامية، ولبنان دولة مهمة جدّاً في المنطقة من النواحي التاريخيّة والثقافيّة والعلميّة”، لافتاً الى أنّ “المشاكل الداخلية تنعكس على وضع الملكية الفكرية في لبنان، فمثلاً لبنان انضم الى عدد من المعاهدات الدولية، ولكن من الضروري أن تُقرّ رسمياً في مجلس النواب لكي تدخل حيّز التنفيذ ويستفيد منها المواطنون”.
ولكن هل القوانين في لبنان تحمي أصحاب الأفكار والمشاريع؟
ردّاً على هذا السؤال، يُشدّد الخبير في الملكية الفكرية والأستاذ المحاضر في جامعة الحكمة الدكتور بيار الخوري عبر موقعنا على أنّ “العلامة التجاريّة هي هوية أيّ مشروع، وإن لم نحمِ هوية مشروعنا أو شركتنا، من المُمكن أن يستعملها أي طرف آخر، لذا في بداية أيّ مشروع يجب تأمين الحماية القانونيّة عبر التسجيل في دولة المنشأ أولاً، وفي حال التوسّع الى الخارج يجب أن يتمّ التّسجيل في تلك البلدان أيضاً”، مُضيفاً: “الملكيّة الفكرية هي أساس اقتصاد المعرفة وهي غطاءٌ ضروريّ للاستثمار وعمود أساسي في نظام التجارة العالمي الجديد”.
ويقول الخوري “صحيحٌ أنّ القوانين في لبنان بحاجة الى تحديث ولكنّها جيّدة وتؤمّن الحدّ الأدنى من الحماية للملكيّة الفكرية”، داعياً، في الختام، أصحاب الأفكار والمشاريع “الى تطبيقها على أرض الواقع، لأن الفكرة يجب أن تنفّذ لكي تكون محميّة تحت سلطة القانون عبر التّسجيل”.
أمام الخسارة المادية الكبيرة التي لحقت باللبنانيّين جراء الأزمة، يشهدُ لبنان موجة تسجيل لعلامات تجارية هي أشبه بولادات جديدة… فهل تكون بارقة أمل للاقتصاد؟