دخل المجلس النيابي، عبر اللجان النيابية المشتركة، التي كانت تجتمع بالتزامن مع الاعلان عن مذكرة شفهية أبلغتها ألمانيا بأنها ترغب بتوقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على خط الاوضاع النقدية والوظيفية، فضلاً عما يجري بالنسبة للحاكم رياض سلامة، وذلك بالطلب اليه التنحي عفواً عن منصبه، وهو الافضل له، من وجهة «رأي معظم النواب» حسب النائب الياس بو صعب، لئلا يتحول الى وضعه على القائمة الرمادية للدول الخاضعة لرقابة خاصة، بسبب ممارسات غير مرضية لمنع غسيل الاموال..
وضمن مسار التداعيات هذا، بدا ان «الفراغ المفتوح» في الرئاسة الاولى، وسائر المؤسسات الدستورية المترابطة، سائر باتجاه المخاطر، اذ رجحت مصادر مطلعة وضع لبنان على «القائمة الرمادية» للدول الخاضعة لرقابة خاصة بسبب ممارسات غير مرضية لمنع غسل الاموال وتمويل الارهاب.
بالتزامن كان الوضع الجنوبي، يتقدم الى الواجهة لجهة التهديدات التي اطلقتها حكومة بنيامين نتنياهو ضد لبنان، بدءاً من جنوبه، على خلفية «المناورة بالذخائر الحية» التي قام بها حزب الله الاحد الماضي في منطقة مليتا – الريحان.
ومع انضمام المانيا الى فرنسا لجهة «صدور مذكرة توقيف بحق رياض سلامة حاكم مصرف لبنان» بتهم فساد تتضمن التزوير وغسل الاموال والاختلاس، بعد اصدار الشرطة الدولية (الانتربول) نشرة حمراء بحق سلامة، بناءً على الطلب الفرنسي على خلفية اتهامه بغسل الاموال والاحتيال و«تأليف عصابة أشرار» بهدف ارتكاب جرائم يعاقب عليها بالسجن لمدة 10 سنوات، دخلت الولايات المتحدة الاميركية على الخط لجهة وضعية الحاكم وتعيين بديل له.
فقد علقت الخارجية الاميركية امس على مسألة تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي في لبنان، داعية الى احترام الآلية المتبعة.
وقالت الوزارة:«على الحكومة اللبنانية احترام العملية القائمة لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان»، من دون ان تبدي اية اشارات عن وضع سلامة.
إذاً ضغط الهم الاقتصادي والقضائي على الوضع اللبناني اكثر، مع خطر وضع لبنان على القائمة الرمادية، وسيكون وضع لبنان على القائمة بمثابة ضربة كبيرة أخرى لدولة تعاني من تدهور مالي منذ عام 2019 وتكافح للتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وأكد وزير الاقتصاد والتجارة امين سلام « اننا سنتحرك بقوة لتلافي وضع لبنان في القائمة الرمادية لأننا على بعد خطوة من الوقوع فيها».
وحسب المعلومات، فإنَّ هذه الخطوة تعني حصول إجراءات جديدة على صعيد القطاع المالي، أن تصبح مصارف عديدة محلية تحت رقابة جهات دولية مالية وناشطة في مجال مكافحة تبييض الأموال، والضغط لتغيير المسار اللبناني المالي والمصرفي القائم.
دولرة مساعدات النازحين
وبالتوازي، وبرغم المسعى الحكومي لمعالجة ازمة النازحين والسعي لإعادتهم، كانت المفاجأة في ما كشف عن الرئيس نجيب ميقاتي «وافق على دولرة المساعدات المالية النقدية المخصصة للنازحين السوريين في لبنان بناء على طلب مفوضة اللاجئين». وأوضحت أوساط السراي «أن مصرف لبنان هو الذي وافق على طلب المفوضية، والقرار دخل حيِّز التنفيذ».
واثار القرار مخاوف من ان يؤدي الى تمنّع الكثير من النازحين عن مغادرة لبنان بموجب خطة العودة، بخاصة اذا عاودت العملة الخضراء الارتفاع.
جاء ذلك بينما كان وزير الخارجية عبد الله بو حبيب يعلن من روما امام حشد دبلوماسي واكاديمي أن «السوريين في لبنان لا تنطبق عليهم صفة اللاجئين السياسين حيث معظمهم موجودون في لبنان لأسباب إقتصادية»، مؤكد أن «في لبنان زهاء مليوني سوري، وهذا العدد يهدد تركيبة الكيان اللبناني الخاصة به، حيث كان هناك دائما توازن بين المسيحيين والمسلمين ومساواة حيث يشعرون بأنهم متساوون لا أفضلية لأحدهم على الآخر». ودعا إلى «حل قضية اللاجئين بالحوار مع الأوروبيين، وليس من خلال محاولة بعض الدول الأوروبية النافذة فرض بقائهم في لبنان الى أجل غير مسمى».
الرئاسة بالانتظار
رئاسياً وفي ظل المراوحة السلبية، التقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سميرجعجع، في المقر العام للحزب في معراب، سفير جمهوريّة مصر العربيّة ياسر علوي، في حضور عضو تكتل «الجمهوريّة القويّة» بيار بو عاصي، وجرى التباحث في آخر التطورات السياسيّة خصوصاً لناحية الإستحقاق الرئاسي.
جاء ذلك وسط معلومات مفادها أن رئيس التيار اوطني الحر قد ينتقل الى مرحلة تقديم اسماء مرشحين للرئاسة خلال جولته الخارجية ولقاءاته الداخلية.
وفيما التقى النائب سامي الجميّل عضو كتلة «تجدد» النائب اللواء اشرف ريفي في الصيفي لمواصلة التنسيق والتشاور، بحث وفد نواب المعارضة خلال زيارته العاصمة الفرنسية باريس مع مسؤولين عن دائرة شمال أفريقيا والشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية في موقف المعارضة خاصة ما يتعلق بخارطة الإصلاحات الاقتصادية وضرورة التقيد بها لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية. وتطرق الوفد الى وجهة نظر المعارضة في ما يخص انتخابات رئاسة الجمهورية.
ويتألف الوفد من النواب فؤاد مخزومي وغسان حاصباني وغسان سكاف والياس حنكش وأديب عبد المسيح وبلال الحشيمي.
وفي المواقف، استقبل الرئيس نبيه بري، نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي، الذي قال: أن المسار الطبيعي للتطور القادم في مسألة رئاسة الجمهورية أصبح يبشر بالخير وأصبح لا بد من أن يكون، كي يعاد ترتيب كل الأوراق المنشودة في بناء الدولة، وفي مقدمها مسألة حاكمية مصرف لبنان. ويجب أن يكون معلوما للقاصي والداني انه لا يجوز تعيين حاكم لمصرف لبنان إلا بعد إنتخاب رئيس للجمهورية تماما كما حصل في المديرية العامة للأمن العام.
وقال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد: إننا ولشدّة وضوحنا بشأن الإستحقاق الرئاسي دعمنا مرشحًا تصالحيًا، ولو أردنا تسمية الخيار الذي يتطابق بالشكل الكامل والتفصيلي مع شخصيّتنا وبرنامجنا كنّا أسمينا شخصية مقتنعين بأنه يسير كما نريد، لكن لم نخط هذه الخطوة، بل سمّينا شخصية مسيحية مارونية لا يطعن أحد في انتمائها المسيحي والماروني، وهو حفيد رئيس جمهورية سابق ومُتصالح ليس فقط مع نفسه، بل حتى مع قتلة أهله، ويقول إنه منفتح ومتصالح مع الكل لبناء هذا البلد.
المانيا: مذكرة بتوقيف سلامة
أبلغت ألمانيا لبنان شفهياً بصدور مذكرة توقيف بحق حاكم المصرف المركزي رياض سلامة «بتهم فساد وتزوير… وتبيض الأموال والاختلاس».
واعتبر المرصد الاوروبي للنزاهة في لبنان ان إصدار الادعاء الالماني مذكرة توقيف دولية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، «هي رسالة وعلى القضاة والسياسيين ان يتلقفوها وان يُصار الى اقالته من منصبه والا لبنان يتحمل النتائج».
وقال المرصد: أن قضية توقف المصارف المراسلة عن التعامل مع لبنان بحال بقاء سلامة جدّية وتبعاتها خطيرة على لبنان، أهمها عدم امكانية فتح اعتمادات وعدم امكانية الاستيراد وغيرها.
وتساءل المرصد عن «المنحى الذي يأخذه سياسيو لبنان، أهم خائفون على أنفسهم أم على البلد»؟
وفي المعلومات، إنّ حاكم مصرف لبنان أبلغ القضاء أنه سيحضر اليوم إلى قصر العدل، ليستمع المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان إلى إفادته عن مذكرة التوقيف الغيابية الفرنسيّة الصادرة بحق والمعلمة على النشرة الحمراء للإنتربول الدولي.وقد يقرر القاضي قبلان تركه رهن التحقيق ومنعه من السفر.
وأصدر نائب رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي، مذكّرة أكد فيها ضرورة إدراج موضوع رياض سلامة على جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة المقبل.
وقال الشامي في المذكرة: أريد أن الفت النظر لجدية خطورة الشبهات والاتهامات نظرا لحساسية الموقع، ما يوجب على الحكومة مقاربة الموضوع بأقصى درجة من الجدية، وعدم التغاضي عن هذا الموضوع كأن شيئا لم يكن، لما لذلك من وقع وارتدادات على السياسة النقدية، والقطاع المصرفي وعملية الإصلاح الإقتصادي بشكل عام.
اضاف: أن تكون هناك مذكرة توقيف دولية بحق الحاكم ليس تفصيلا بسيطا. لأنه سينعكس حتما على كيفية تعامل المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي والبنوك المراسلة مع المصرف المركزي ومع لبنان.
وتابع: من المتعارف عليه أنه على مسؤول متهم بارتكابات ولو كانت بسيطة،أن يتنحى عن موقع القرار لحين صدورالأحكام النهائية بصدده. وفي حال البراءة يعود إلى ممارسة عمله بشكل طبيعي،وإلا فعليه أن يتنحى من منصبه.
وقال: إني في هذا السياق، أشاطر رأي الكثيرين من القانونيين أنه يمكن لحكومة تصريف الأعمال بسبب العجلة والضرورة القصوى تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان.
وختم الشامي: أضحى ضروريا أن تطلب الحكومة من الحاكم الإستقالة لما فيه المصلحة العامة وهو الحل المفضل. وإذا لم يحدث ذلك، تصبح تنحيته وتعليق مهامه مطلوبة. واذا تعذر ذلك تتم إقالته من قبل السلطة التنفيذية عملا بصلاحياتها الإستثنائية لتسيير المرفق العام.
إلى ذلك، عادت أوراق تبليغ رجا سلامة وماريان الحويك إلى قاضي التّحقيق الأوّل في بيروت بالإنابة شربل أبي سمرا مع إتمام التبليغين إلى الجلسة الفرنسيّة للتّحقيق معهما في ٣١ أيار الجاري بالنسبة إلى رجا و١٣ حزيران بالنسبة إلى الحويك.
وقال وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري خلال حديث عبر قناة الحدث أنّه مع إقالة رياض سلامة أو استقالته.
وحول المذكرات الأجنبية التي طالبت بتوقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قال خوري أنه «لا يمكن تسليم رياض سلامة لدولة أخرى».
اللجان وورقة المليون
على الصعيد البرلماني، عقدت لجان المال والموازنة، الادارة والعدل، الدفاع الوطني، والداخلية والبلديات، الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط، الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية، وحقوق الانسان، جلسة مشتركة قبل ظهر أمس في المجلس النيابي برئاسة نائب رئيس المجلس الياس بو صعب وحضور عدد كبير من النواب.
ودرست اللجان 3 اقتراحات قوانين: تعديل مواد في قانون العقوبات (السنة السجنية)، قانون النقد الدولي والتسليف وإنشاء المصرف المركزي، والشروع بتطبيق نظام الدخل الأساسي الشامل (قانون كرامة المواطن).
ومن خارج جدول الاعمال، حضر ملف مذكرة التوقيف الصادرة في حق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وأقرت جلسة اللجان الإتاحة لمصرف لبنان طباعة فئة ورقية أكبر من الفئة الموجودة مع ترك الخيار للمصرف باختيار قيمة الورقة 500 الف او مليون ليرة.
واحيل اقتراح القانون المقدّم من النائب قاسم هاشم والمتعلق بتخفيض السنة السجنية لـ ٦ أشهر، على لجنة فرعية.
وفقد النصاب عند الوصول إلى بند «بطاقة كرامة» المقترحة من النائب فيصل كرامي وسط رفض النواب لها.
اثر الجلسة، قال بو صعب: ماحصل بداية، وبما يتعلق بحضور الوزراء، ومن دعيناه لم يحضر أي وزير من الحكومة برغم وجود بنود تعني وزاراتهم ولم يعتذروا. كان هناك غياب تام باستثناء وجود ممثل وزير الداخلية وممثل وزير المالية، وإن شاء الله في الجلسة القادمة تأخذ الحكومة الامور على محمل الجد.
أضاف: لم نقبل أن يكون هناك ممثل عن حاكم مصرف لبنان، وتبين ان هناك مذكرات توقيف في حقه، وهناك إمتعاض من النواب حول ما وصلنا اليه. وصار هناك تمنٍّ، انه الافضل على حاكم مصرف لبنان ان يتنحى، الحكومة لن تقوم بأي اجراء. الوضع غير سليم ولا يستطيع لبنان ان يكمل. وهذه تصبح سابقة، ولو ان هناك فقط شهرا او شهرين. الوضع في لبنان، وفي المقدمة وضع حاكم مصرف لبنان غير سليم. ونتمنى ان يأخذ القرار المناسب ويعالج الموضوع.
وقال: اما بالنسبة، الى إقتراح قانون النقد والتسليف وانشاء المصرف المركزي والتعديل الذي أضفناه، فزدنا العبارة التالية «او اي فئة اخرى على المادة الرابعة من قانون النقد والتسليف وعلى المادتين الخامسة والسادسة، يعني يستطيعون طباعة فئة ورقية أكبر من الفئة الموجودة (المائة الف ليرة) مع ترك الخيار للمصرف باختيار قيمة الورقة، وتم اقراره والتعديل النهائي للهيئة العامة.
الفراغ المفتوح يُدخل لبنان في خطر «اللائحة الرمادية»
مقالات ذات صلة