فيما تتوهج التداعيات وتتصاعد المخاوف الداخلية الناشئة عن ملف ملاحقة حاكم مصرف لبنان #رياض سلامة قضائيا من القضاء الفرنسي أولا ومن ثم من القضاء الألماني، وقف لبنان امس امام صدمة جديدة تتصل بتصنيف دولي سلبي له مثير للقلق في مسار النتائج الدراماتيكية المتدحرجة الناجمة عن واقع لبنان الانهياري والجانب “الأسود” المتعلق بحالة الفساد الرائجة عنه. وهذه المرة يبدو ان التصنيف السلبي ينحو في اتجاه مالي جديد، اذ افادت وكالة رويترز امس ان ثلاثة مصادر مطلعة ابلغتها إن من المرجح وضع لبنان على “القائمة الرمادية” للدول الخاضعة لرقابة خاصة بسبب ممارسات غير مرضية لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وسيكون وضع لبنان على القائمة بمثابة ضربة كبيرة أخرى لدولة تعاني من تدهور مالي منذ عام 2019 وتكافح للتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهو ما كانت اشارت “النهار” اليه في 19 ايار الجاري.
وقد أجرى قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة العمل المالي – وهي هيئة معنية بمراقبة الجرائم المالية- تقييما أوليا لاقتصاد لبنان. وبحسب مصدر ديبلوماسي اطلع على نسخة من التقرير الأولي، فإن النتيجة التراكمية لهذا التقييم تضع لبنان “فوق عتبة القائمة الرمادية بعلامة واحدة”. ووفقا لمسودة اطلعت عليها رويترز، جرى تصنيف لبنان على أنه ملتزم بالمعايير جزئيا في فئات عدة، منها إجراءات مكافحة غسل الأموال والشفافية في ما يتعلق بالملكية الفعلية للشركات والمساعدة القانونية المتبادلة في ما يتعلق بتجميد الأصول ومصادرتها.
وقال المصدر الديبلوماسي “لبنان يسعى لمزيد من التساهل، ويحاول الحصول على نتيجة أفضل في إحدى الفئات حتى لا يقع ضمن منطقة القائمة الرمادية”. وقال نائب رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي والذي يترأس محادثات لبنان مع صندوق النقد الدولي لرويترز إنه لم يطلع على مسودة التقرير، ورفض التعليق على التأثير المحتمل له على هذه المحادثات.
وخلص صندوق النقد في وثيقة تعود لعام 2021 إلى أن إدراج دولة (ما) على القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي قد تؤدي إلى تعطيل تدفقات رأس المال، مع احتمال انسحاب البنوك من التعاملات مع العملاء الموجودين في البلدان عالية المخاطر لتقليل تكاليف الامتثال. كما أن مثل هذا الإدراج يخاطر بإلحاق الضرر بسمعة البلد وتعديلات التصنيف الائتماني، وصعوبة الحصول على تمويل دولي، وارتفاع تكاليف المعاملات.
مذكرة ألمانية
ولعل المصادفة السلبية ان هذا التطور جاء فيما تتوالى فصول التطورات الدراماتيكية في ملف ملاحقة حاكم مصرف لبنان حيث طرأ فصل جديد امس تمثل في ابلاغ ألمانيا لبنان شفهياً بصدور مذكرة توقيف بحق الحاكم رياض سلامة “بتهم فساد وتزوير وتبيض الأموال والاختلاس”، بحسب ما ذكر مصدر قضائي رفيع لوكالة رويترز. ولم يتسن على الفور الوصول إلى أي شخص في النيابة الفيديرالية الألمانية للتعليق. وكان المدّعي العام الفرنسي المختص بالقضايا المالية يوم الجمعة الماضي، قد أكد في بيان أنه أصدر مذكرة توقيف بحق سلامة الذي نفى ارتكاب أي مخالفة.
في المقابل، أفاد مصدر قضائي مطّلع “النهار” بأن القضاء اللّبناني لم يتبلّغ ما أعلن عنه المدعي العام الألماني من صدور مذكرة توقيف غيابية عن القضاء الألماني بحقّ سلامة. وأضاف أن المذكرة الصادرة قد تندرج في إطار توحيد الملف الأوروبي المفتوح في نحو خمس دول أوروبية بحق سلامة.
وفي غضون ذلك ابلغ حاكم مصرف لبنان القضاء اللبناني أنه سيحضر اليوم إلى قصر العدل ليستمع المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان إلى إفادته عن مذكرة التوقيف الغيابية الفرنسيّة الصادرة بحق والمعلمة على النشرة الحمراء للإنتربول الدولي. ويرجح ان يستمع القاضي قبلان إلى افادة سلامة ويقرّر تركه رهن التحقيق ويمنعه من السفر.
وإلى ذلك، عادت أوراق تبليغ رجا سلامة وماريان الحويك إلى قاضي التّحقيق الأوّل في بيروت بالإنابة شربل أبي سمرا مع إتمام التبليغين إلى الجلسة الفرنسيّة للتّحقيق معهما في ٣١ حزيران المقبل بالنسبة إلى رجا و١٣ حزيران بالنسبة إلى الحويك. ورجحت مصادر متابعة أنهما سيمثلان أمام قاضية التحقيق الفرنسية في الموعد المحدد لكل منهما.