التسوية الرئاسية “على النار”… و “كلمة السرّ” في حزيران؟!
بات من شبه المؤكد أن التسوية الرئاسية قد أصبحت على النار، إنما ليس نار المبادرات في الداخل، بل نار التسوية والتفاهمات في المنطقة، والتي حرّكت كل الملفات في توقيتٍ واحد، وعلى ساعة التفاهم السعودي ـ الإيراني. وعلى الرغم من أن الحركة الرئاسية على الساحة المحلية تبدو وكأنها في الثلاجة بانتظار مفاعيل القمة العربية، وما شهدته أروقتها من لقاءات واجتماعات بقيت بعيدةً عن الإعلام، وذلك، بالتوازي مع البيان الختامي الرسمي الذي تطرّق إلى ملفين، الأول هو انتخاب رئيس الجمهورية، والثاني، هو التأكيد على حق لبنان في المقاومة.
وبرأي أوساط سياسية مواكبة، فإن الهدوء الحالي، سينقلب مع نهاية أيار الجاري إلى حراكٍ يرتدي طابع الحسم، وبالتالي، فإن التعويل على مهلة حزيران، لا يأتي من دون معطيات بدأت تتكرّس، ولو ببطء لدى المعنيين، وذلك، على قاعدة انتظام الحياة السياسية، والذي بات مطلباً وشرطاً عربياً وغربياً، قبل الدخول في مرحلة من القرارات الدولية الجديدة بحق أي فريق قد يبادر إلى تعطيل أو تخريب أو تأخير الإستحقاق الرئاسي، وبمعزلٍ عن الأسباب والمبرّرات التي يتمّ إطلاقها بالتوالي من قبل بعض الأطراف السياسية والحزبية، التي تقارب هذا الإستحقاق وفق زوايا متباينة في كل تفاصيلها.
وعليه، فإن الأوساط نفسها، ترسم معالم المعادلة الداخلية بعد قمة جدة، بشكلٍ مغاير عمّا قبلها، حيث أن الظروف تبدّلت على أكثر من مستوى، ولو أن الحراك الديبلوماسي العربي، لم ينجح إلى اليوم في الدفع أو تشجيع الأطراف المحلية، على الإتفاق من أجل وضع حدٍ للشغور الرئاسي.
وبالتالي، يبقى التعويل قائماً، كما تكشف الأوساط، على مرحلة ما بعد القمة العربية في جدة، وما ستحمله من تداعيات وعناصر جديدة على الملف الرئاسي من حراكٍ عربي وإيراني في آن، يشمل تشاوراً، ولو ضمن اللجنة الخماسية، التي تتوقع الأوساط أن يتمّ تفعيل دورها في الأسابيع المقبلة، من دون أن تغفل الإشارة إلى احتمال مشاركة إيران فيها.
وفي الوقت الذي لا تزال تتردّد فيه أصداء المواقف التصعيدية الأخيرة بعد تعليق المشاورات والمبادرات، فإن الأوساط نفسها، لا تنكر أن موجة التصعيد الأخيرة، قد تكون نسفت كل ما كان قائماً من توقعات حول احتمال التأسيس لمعادلة رئاسية تسمح بتسريع موعد جلسة انتخاب الرئيس العتيد، كما أنها تُنذر باستمرار المراوحة، وباحتمال تأخير ترجمة الأجواء العربية والإقليمية الإيجابية، وبالتالي، إبقاء الإستحقاق الرئاسي مجمّداً حالياً، خصوصاً في ضوء عدم توافر أي حركة غير اعتيادية، أو حتى ظهور تغيير في المواقف من المرشحين المعلنين، كما ومن الأسماء المتداولة في الإجتماعات المغلقة.
لكنها تستدرك، بأن هذا الواقع لن يطول، لا سيما في ضوء المناخ السائد في بعض الدول المحيطة، الذي شهد انقلاباً سيؤدي إلى “تصفير” الأزمات في أكثر من ساحة في المنطقة، ومن بينها الساحة اللبنانية التي دخلت في نفق الفراغ والتعطيل، وباتت استحقاقاتها اليوم في ثلاجة الإنتظار، وذلك، حتى انطلاق العدّ العكسي للتسوية الداخلية التي تبدأ بالملف الرئاسي، وتُستكمل بباقي الملفات المالية والإقتصادية.