التعليم الرسمي في خطر. الجامعة اللبنانية في حالة شلل. المدرسة الرسمية تتلاشى. وحتى المدارس الخاصة في تراجع مستمر.
هذا الواقع المقلق للتعليم في البلد، أُضيفت له في السنتين الأخيرتين مشكلة مستجدة، ولكنها تتفاقم يوماً بعد يوم، وبدأت مفاعيلها السلبية تُحاصر العلاقة بين الإدارات المدرسية ولجان الأهل، حيث تحولت الزيادات المضطردة في الأقساط إلى أعباء جديدة على آلاف العائلات التي تضررت بتداعيات الأزمات الإقتصادية والمالية التي يتخبط فيها البلد منذ أكثر من ثلاث سنوات. كما أن إدارات المدارس نفسها تعاني من عجز متنامٍ في مالياتها نتيجة الإنهيار المريع في العملة الوطنية، وإضطرارها إلى زيادة الرواتب حيناً، وإلى توفير جزء من الرواتب بالدولار الأميركي أحياناً أخرى.
معادلة التوفيق بين متطلبات الجسم التعليمي والنفقات الأخرى، وبين إمكانيات الأكثرية الساحقة من أهالي التلاميذ ليست سهلة، ولا هي في متناول اليد بمثل هذه البساطة.
وفيما ذهب معلمو المدارس الرسمية إلى سلسلة من الإضرابات والإعتصامات، كادت تُطيح بالعام الدراسي من أساسه، لولا حصافة وزير التربية القاضي عباس الحلبي، وجهوده في تأمين مساعدات بالعملة الخضراء، فضلًا عن الزيادات بالليرة اللبنانية، فقد إصطدم أهالي الطلاب في المدارس الخاصة بالإدارات المعنية، ووصل بعضها إلى حد الإعتكاف عن دخول الصفوف، بعد وصول المفاوضات بين الجانبين إلى حائط مسدود.
قضية التعليم مسألة بالغة الأهمية، وفي نفس الوقت يكتنفها الكثير من التعقيد.
لا بد من الأخذ بعين الإعتبار متطلبات الجسم التعليمي والإدارات المدرسية، ولو كان بعضها قائم من منطلقات مؤسسات خيرية، روحية أو مدنية، وبين إنعكاسات الأزمات المالية والمعيشية المتفاقمة التي يُعاني الأهل من مضاعفاتها المدمرة، وبينهم من أُحتِجزت أمواله في المصارف، ومنهم من فَقَد عمله، وآخرين تدنت قيمة رواتبهم مع تدني قيمة الليرة، وهبطت مستويات معيشتهم بشكل دراماتيكي، ولكنهم مازالوا متمسكين بتأمين التعليم الجيد لأولادهم.
الأولوية يجب أن تبقى للحفاظ على المستوى المميّز للتعليم الخاص في لبنان طبعاً. والحفاظ على سلامة العلاقة بين لجان الأهل وإدارات المدارس يجب أن تبقى في إطار الحوار والتفاهم المتبادل لكل طرف لظروف الآخر، وصولاً إلى صيغة مقبولة وقادرة على الحياة بالنسبة للطرفين.
إدارة المدارس الكاثوليكية إستطاعت التوصل إلى مثل تلك الصيغة، وكلنا أمل أن تتمكن إدارة جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية التوصل إلى مثل هذه الحلول، بعيداً عن أجواء الإستفزاز والتحدي التي تُهيمن على الحوار بين الجانبين، وما يستغله البعض في خطابات المزايدات والتشهير .
يبقى التحدي الأكبر في هذه المعادلة الصعبة هو الحفاظ على مستوى التعليم المميّز الذي يبقى هو الأساس أولاً وأخيراً.
الأقساط والمتطلبات ومستوى التعليم المميّز
مقالات ذات صلة