يأتي يوسف وهو صاحب معمل تكرير للمياه بصحبة عمّاله السوريين. لا يخفي يوسف أنه فكّر في توظيف لبنانيين، ولكنه عجز عن ذلك جرّاء مطالبتهم برواتب عالية واضعاً الأمر في خانة “البرستيج”
وفي التفاصيل…
لماذا يتمسّك اللبناني بالعامل السوري؟ يحتلّ هذا السؤال مشهد اليوم، وتحديداً مع انطلاق عملية تنظيم الوجود السوري داخل القرى الجنوبية. يكاد السّوري يكون “الرقم الصعب” في كلّ المهن. تجده في معامل المياه، محال الخضار، في السوبرماركت، في ورش البناء والسنكرية، وفي الزراعة. لا غنى عن تلك اليد، فهي تشكّل العمود الفقري لمعظم المهن في ظل تقاعس الشباب اللبناني عن العمل. يأتي بهم معظم أصحاب الأعمال اللبنانيين، إلى البلديات لتسوية أوضاعهم القانونية. يقول علي وهو صاحب شركة لأعمال الباطون والصيانة إنّ “اللبناني لا يعمل، يتغنّج رغم حاجته للعمل، خصوصاً في هذه الظروف المعيشية الصعبة”. يعمل لدى علي أكثر من خمسة عمال سوريين، ويعتمد عليهم في كل الأشغال. برأيه “السوري يعمل 15 و20 ساعة من دون تأفّف، في حين، أنّ اللبناني يعمل 3 ساعات، وهو بطبيعته متطلّب جدّاً”.
لن يكون مستغرباً على الإطلاق، أن يُسارع اللبناني لتنظيم أوراق العمّال السوريين. من دونهم تتوقّف مصالحه وأعماله، ورغم خطوة البلديات وأجهزة الدولة، التي يعتبرها أرباب العمل معقّدة وتكبدهم أموالاً طائلة، خصوصاً أن نسبة كبيرة من الأيدي العاملة السورية دخلت لبنان خلسة، وتمارس أعمالها وتتقاضى رواتبها، في حين لا تدفع إشتراكات المياه أو الكهرباء، هو أمر يراه معظم أصحاب العمل مكلفاً وباهظاً، ولكنهم ارتضوا به على مضض.
وقد وجدت البلديات في خطوة تنظيم الوجود السوري، فرصة ذهبية لرفد خزينتها الفارغة بالأموال، لقاء دفع القيمة التأجيرية من قبل النازحين التي قد تتخطّى الـ5 ملايين ليرة في كثير من الأحيان، وذلك بسبب تخلّف السّوري عن دفع أي رسوم للبلدية منذ نزوحه إلى لبنان.
ولا يزال قرار محافظ النبطية الدكتور حسن فقيه القاضي بوضع خريطة طريق للنازح داخل القرى، قيد الدراسة. عدد من البلديات لم يبدأ تطبيقه بعد. ينتظر بلورة الصورة، ومن دون ورقة البلدية، لا يمكن لأي نازح تسوية أوراقه، وهي بمثابة براءة ذمة مالية للنازح.
يأتي يوسف وهو صاحب معمل تكرير للمياه بصحبة عمّاله السوريين. لا يخفي يوسف أنه فكّر في توظيف لبنانيين، ولكنه عجز عن ذلك جرّاء مطالبتهم برواتب عالية واضعاً الأمر في خانة “البرستيج”. ويشير إلى “ظاهرة خطيرة وهي تمسّك الشباب اللبناني بالمظاهر والنرجيلة وملحقاتها، في وقت يرفض العمل في مصنع للمياه، أو حتى في الزراعة”.
وجدت البلديات في خطوة تسوية أوضاع السوريين bonus لتحسين إيراداتها المالية في زمن الشحّ. يدرك معظم رؤساء البلديات أن هذه الفرصة جاءت في الوقت المستقطع، رغم حالة التخبّط السائدة، جرّاء تأخّر التعميم الصادر عن وزارة الداخلية والبلديات والذي وصل عبر “الواتس اب”، من دون أدنى فكرة بشأن آلية التطبيق.
وفي السياق، أشار رئيس بلدية المروانية محمد كوثراني إلى أنه “بدأ العمل بالأمر مسبقاً”، غير أنّ ما يطلبه هو “رفع القيمة التأجيرية لتتماشى مع أوضاع البلد، إذ لا تصل قيمتها الى 8 دولارات، في وقت كانت قبل الأزمة تساوي 60 دولاراً، ويطلب أن يتمّ النظر في مستحقات البلديات لتصبح وفق سعر صرف الدولار الحالي وليس وفق 1500 ليرة والتي تؤدي إلى انهيار البلديات أكثر”.