إعادة تشغيل مطار القليعات: “سيؤمّن مئات فرص العمل، سواء في داخل حرمه أو ضمن منتفعاته”، وسيشكّل انتعاشاً كبيراً للمنطقة.
لماذا لا يتمّ تشغيل مطار القليعات رغم الحاجة الملحّة إليه؟ سؤال طرحه ويطرحه كثيرون، هل ذنبه أنّ اسم رئيس جمهورية ذهب في زمن تسوية دولية على أرض لبنان أطلق عليه؟ أم لأنه بدأ في الأصل كمطار عسكري واستمرّ؟ أم لأنه وُجد في منطقة مهملة من الدولة كعكّار، أم الإرادة السياسية هي وراء منع تشغيله؟
منذ سنوات والمطالب بإعادة إحياء هذا المطار لأغراض مدنية قائمة، نظراً لحاجة منطقة كعكّار إلى مرفق حيوي كهذا المطار ليُنعشها ويؤمّن فرص العمل لأبنائها، ولحاجة لبنان إلى مطار جديد أو أكثر غير مطار بيروت الوحيد. لأجل ذلك، وفي كل مرّة تطرح فيها الحاجة إلى مطار مدني جديد في لبنان يعود ملفّ مطار القليعات إلى الواجهة من جديد ويبدأ ناشطون عكاريّون بحملة للتشجيع على إعادة فتحه كمطار مدني، وهو الذي يستعمل اليوم من قِبل الجيش اللبناني لأغراض عسكرية.
الحاجة إلى مطارٍ ثانٍ في لبنان تبرز من نقطة أنّ مطار بيروت وحرمه ومساحاته غير قابلة للتطوير أكثر، وهذا بتأكيد أكثر من خبير ومتخصّص بمجال الطيران المدني. وما أعاد الحديث مجدّداً عن ضرورة تشغيل مطار القليعات هو ما أثير قبل أيام عن صفقة تلزيم وإنشاء مبنى جديد في مطار بيروت التي تمّ إلغاؤها، ما أدّى إلى حملة لرواد التواصل الإجتماعي في عكّار والشمال تطالب بإعادة تشغيل المطار الممنوع من العمل مدنياً بقرار سياسي.
مطار القليعات، وبحسب الدراسات المعدّة بشأنه، إذا أعيد تشغيله “سيؤمّن مئات فرص العمل، سواء في داخل حرمه أو ضمن منتفعاته”، وسيشكّل انتعاشاً كبيراً للمنطقة.
شهد المطار على وجوه سياسية ونيابية عدّة من عكار والشمال، وعلى عدّة انتخابات أتت بوجوه وذهبت بأخرى حيث كان معطّلاً وما زال. وبحسب ما يؤكد نواب المنطقة الحاليون فإنّ ملفّ المطار في الأولويات كملفّ متكامل سيدرج على بساط البحث عند تشكيل حكومة جديدة وانتظام الوضع السياسي في البلد. ومن هذا المنطلق قرأ متابعون الزيارة التفقدية التي قام بها أمس وفد نيابي من عكار والمنية وضمّ النواب: وليد البعريني، محمد سليمان، محمد يحيى، سجيع عطية وأحمد الخير إلى مطار القليعات للتأكيد على أهمية تشغيله كمرفق حيوي لكل لبنان، وحذّروا من استمرار إهمال عكار والشمال وتجاهل المرافق الحيوية فيها.
جغرافيا المطار
ويتربّع المطار على مساحة تزيد عن 5.5 ملايين متر مربع في منطقة سهل عكار – القليعات، ويبعد بضعة كيلومترات عن الحدود السورية ـ اللبنانية، كما يبعد عن طرابلس بحدود 25 كلم وعن بيروت بحدود 100 كلم، ولديه مدرج يزيد طوله عن 3 آلاف متر وهو قابل للتطوير. أكثر من دراسة أعدّت من جهات رسمية ومدنية أكدت جهوزيته ليكون قاعدة جوية مدنية لا تحتاج إلا لعشرات الملايين من الدولارات للصيانة والتجهيز قبيل انطلاق العمل به كمطار ثانٍ في لبنان.
نشأة المطار في الأصل كانت في العام 1941 من قوات التحالف لأهداف عسكرية. وقام الجيش اللبناني بتطويره في العام 1966 ليكون أهمّ قاعدة عسكرية في المنطقة في ذلك الوقت، وجاء تطويره من ضمن مخطط لتطوير منطقة سهل عكار المحاذية لسوريا وتضمّ الكثير من الإمكانات والمقوّمات. شهد في العام 1989 على انتخاب رينيه معوض رئيساً للجمهورية بعد اتفاق الطائف ولهذا سمّي بمطار الشهيد رينيه معوض. وجرى تشغيل مطار القليعات مطاراً مدنياً خلال فترات متقطّعة من الحرب الأهلية اللبنانية حينما كانت الظروف لا تسمح لمطار بيروت بالعمل، والحرب نفسها أوقفت المطار عن العمل كلّياً.
لا يختلف اثنان على أهمية المطار من الناحية التنموية لعكار والشمال وإلى الحاجة إليه كمطار مدني ثانٍ. أكثر من حملة مدنية نظّمت لتشغيله، ولم يبق نائب أو مسؤول إلا وزاره وطالب بتشغيله، ولطالما كان ملفّه موضع تجاذب سياسي، حتى وصل بعض من تبنّوا هذه الحملات إلى قناعة بأنّ هناك إرادة سياسية كبرى في البلد تمنع تشغيل المطار، والمقصود بها إرادة “حزب الله” بالتحديد، على اعتبار أنّ أي مطار لا يقع ضمن دائرة سيطرة الحزب الأمنية تماماً كمطار بيروت، لن يُسمح له بالعمل. فهل هي المعوقات الإدارية وشؤون التمويل تقف حائلاً أمام القرار بإعادة تشغيل مطار القليعات؟ أم هي الإرادة السياسية التي تحول دون ذلك؟
تجدر الاشارة الى أنّ أكثر من دولة من بينها الصين وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا، أبدت اهتماماً بتطوير المطار لا سيّما إبان الحرب السورية، وقد شهد زيارات لوفود أجنبية عدّة لهذه الغاية، وهناك العديد من الدراسات التي أعدّت له وللبنى التحتية التي يجب أن تترافق مع تشغيله، ولكنّ قرار بدء العمل بتطويره وتشغيله وبتعيين هيئة ناظمة ومخطط توجيهي له لم يبصر النور إلى اليوم.