طرأت تطورات مهمة في الايام القليلة الماضية على صعيد الاستحقاق الرئاسي أدت الى طيّ فرنسا صفحة مرشح “الثنائي الشيعي” الرئاسي سليمان فرنجية. ومن أهم الدلائل على ذلك، ان سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو، وخلال اتصالات قامت بها في الثماني والاربعين ساعة الماضية، أبلغت من يعنيهم الامر، ان بلادها طوت صفحة فرنجية، ولم ترَ هناك امام الاخير سوى إعلان إنسحابه من السباق الرئاسي، على الرغم من ان فرنجية لم يعلن ترشيحه رسمياً.
ووفق “نداء الوطن”, فقبل يوم الثلاثاء الماضي، كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا يزال يأمل في إحداث خرق في جدار رفض ترشح فرنجية لرئاسة الجمهورية. لكن يبدو ان هذا الجدار بدا أطول من سور الصين جغرافياً وسياسياً. وكانت الخرطوشة الاخيرة التي في جعبة الاليزيه، هي في الاتصال الذي اجراه الرئيس ماكرون مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في 27 آذار الماضي، فكان الاتفاق ان يزور باتريك دوريل مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الاوسط وحده الرياض، وهذا ما تمّ قبل اربعة أيام، حيث أجرى دوريل محادثات مع الفريق السعودي المكلف الملف اللبناني، والذي يضم المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا وسفير المملكة في لبنان وليد البخاري. وكان مثل هذا الاجتماع قد عقد في باريس في 17 آذار الماضي لكنه لم يؤدّ الى أية نتيجة بشأن الاستحقاق الرئاسي.
في المعلومات حول المحادثات الجديدة، ان الموفد الفرنسي حمل ملف الضمانات الشفهية التي سبق لفرنجية ان تعهد بها امام الجانب الفرنسي، وتحديداً خلال الزيارة التي قام بها رئيس “تيار المردة” للعاصمة الفرنسية في نهاية الشهر الماضي بناء على طلب دوريل.
وشملت هذه الضمانات ما يتصل بأدائه في حال وصل الى قصر بعبدا، كما تتصل بما وصف بـ”مواضيع أساسية”، وفق ما ذكر في ذلك الوقت. في المقابل، ركز الجانب السعودي على “المواضيع السيادية” والتي تشمل سيادة الدولة اللبنانية على حدودها والاستقرار والاصلاحات الجذرية والعلاقات مع العالم العربي، إضافة الى عدد من العناوين الاقتصادية والمالية. وفي خلاصة المحادثات التي اجراها دوريل، تبين بحسب المعلومات، ان الجانب السعودي ابلغ موفد الرئيس الفرنسي، ان هناك تحضيرات جارية لعقد إجتماع جديد للجنة الخماسية التي تضم الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، مصر وقطر. وهذا الاجتماع الذي انطلق أولاً ثلاثياً (اميركي- فرنسي-سعودي) من نيويورك في ايلول الماضي، ثم انتقل الى باريس الشهر الماضي، قد يحطّ رحاله بعد عيد الفطر إما في الرياض وإما في الدوحة. وسيكون الهدف الاساسي من الاجتماع المقبل للجنة هو تثبيت المواصفات المطلوبة للمرشح الرئاسي والتي أُعلنت في نيويورك، وتكررت في باريس، وهي: أن يلتزم رئيس الجمهورية المقبل باتفاق الطائف والدستور، وضرورة ان يلتزم الرئيس بالقرارات الدولية، واخيراً ضرورة ان يلتزم رئيس الجمهورية المقبل بالاصلاحات. ومن شأن إستضافة اللجنة الخماسية في السعودية او قطر، التأكيد على ان الملف اللبناني، هو شأن دولي وعربي وليس شأناً فرنسياً كما خيّل نتيجة التركيز المستمر على الحركة الفرنسية في إتجاه الملف اللبناني، مع انحياز لخيار محور الممانعة، دون الأخذ بالاعتبار مواصفات سائر اعضاء اللجنة الخماسية على غرار المحادثات التي اجراها اخيراً في لبنان الموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي.