مع خروج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من الحاكمية سنكون أمام سيناريو كارثي ربّما يخفيه سلامة عن السلطة أو يخفيه لها (لا فرق) ويتعلّق بقدرة “صيرفة” على العيش.
الاطّراد في “دولرة السلع” سيجعل أمراً حتمياً تبادل الدولار بين المواطنين، ومن بينهم أولئك الذين يتقاضون رواتبهم وأتعابهم بالدولار، وهم ليسوا قلّة، وهم من يحرّك “صيرفة” ومن يدفع بطريقة غير مباشرة رواتب القطاع العام والتزامات الدولة، وليس الرسوم والضرائب!
لا يكترث هؤلاء لسعر الصرف، باعتبار أنّهم يقبضون ويدفعون بالدولار، ولا حاجة لهم إلى الليرة. هذا السيناريو سيتّسع تباعاً وسيضمّ شرائح أوسع من المواطنين في حال عاد مصرف لبنان إلى شراء الدولارات من السوق وعدنا إلى مسلسل ارتفاع سعر الصرف.
في حينه ستكون أغلب القطاعات قد بدأت بالتوجّه بقوّة نحو دولرة الأسعار، مع العلم أنّ أغلب السلع والقطاعات باتت تبيع بالدولار الكاش: مازوت المولّدات، والبنزين في المحطات، فواتير المطاعم والمقاهي والفنادق، خدمات الإنترنت والمحلّات التجارية والسوبرماركت، حتى صهريج مياه الخدمة يقبض بالدولار!
عندئذٍ لن تستطيع أيّ شخصية ستحلّ مكان سلامة، حتى لو كانت تبرع بالشعوذة والسحر المالي الأسود، جمع الدولار من أجل دفع الالتزامات بالنيابة عن الحكومة، لأنّ “صيرفة” ستصبح عرجاء و”بإجر واحدة”: تبيع الدولارات عند تدخّل “المركزي” في السوق من أجل لجم سعر الصرف، من دون قدرتها على جمع الدولارات من الجهة الأخرى، لأنّ أحداً لن يكون له مصلحة باستبدال دولاراته بليرات يرفضها حتّى موظفو الدولة!
سيمسي “المركزي” كالخزّان المخروم، ينزف دولارات ولا يستطيع جمعها في المقابل. وقد تنهار إدارات الدولة بسبب عجز الحكومة ومصرف لبنان عن دفع التزاماته، وسينشأ “اقتصاد بالدولار” على حساب “اقتصاد بالليرة” لمن ليس لديه دولارات. وقد ندخل أيضاً في سيناريو استنزافيّ مدمّر لما بقي من احتياطات التوظيفات الإلزامية لدى مصرف لبنان، وربّما قد تلجأ السلطة إلى تسييل الذهب… فمن يدري؟
لهذا كلّه، ربّما يكون سلامة في صدد لعب أوراقه الأخيرة، وربّما نشهد استقراراً لسعر الصرف في حدود 100 ألف كما هو اليوم… حتى استقالته أو رحيله في تموز. حينها سيغلي الدولار في الكوز!
المصدر : أساس ميديا