لم يشهد أن حدث الارتفاع الجنوني للدولار بهذه الطريقة الدراماتيكية، على رغم الانخفاض الذي حصل مساء، لكنّ الأكيد بحسب المراقبين، مسار الأحداث لا يبشر بالخير.
شهد السوق المالي اليوم تدهوراً خطيراً للعملة اللبنانية مقابل الدولار الذي سجّل ارتفاعاً قياسياً وصل إلى 140 ألف ليرة. والخطورة ان الارتفاع لم يعد بالمئات كما في السابق، بل بالآلاف، وهو بدأ يزيد الضغينة لدى المواطنين من هذه المنظومة التي تقف متفرجة على الانهيار الحاصل، ويترقّب المواطنون الساعة صفر ربما لإحداث انتفاضة شعبية جديدة، وهو يُقرأ من التسريبات التي وردت على وسائل التواصل الاجتماعي والواتساب عن تحركات ستبدأ في الخامسة من صباح اليوم. وعززها تحركات ليلية في طرابلس أمس.
وهذا يؤكد أن الأزمة لم تعد سطحية، بل بحسب المؤشرات، بدأت الأحداث تأخذ منحى أكثر سواداً إذ “ندخل بسرعة إلى مراحل أشد خطورة”، كما وصفها اللواء أشرف ريفي في تغريدته، محذراً من ان البركان سينفجر.
في السياق، أشار الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي في حديث لموقع النهار” إلى أن “هناك عدة أسباب ساهمت في تدهور الوضع الاقتصادي”، مؤكداً أن “الفترة الماضية شهدنا انهياراً واضحاً داخل مؤسسات الدولة عوضاً عن ذلك أزمة مصرفية واقتصادية، ما أدى إلى انهيار غير مسبوق لليرة اللبنانية”.
جباعي الذي اعتبر أن “وصول الدولار إلى عتبة الـ41 الف ليرة شكل مفاجأة للجميع، قال: “برأيي حصل انهيار سريع لذلك لا يجب إغفال المعطى السياسي وتداعياته، فعدم انتخاب رئيس للجمهورية والانقسامات الواضحة داخل الوطن، وتعاون بعض الجهات السياسية الداخلية مع جهات خارجية عوامل ستؤدي إلى التسريع بالانهيار”. ومن مظاهر هذا التسريع، مجيء الوفد القضائي الأوروبي والادعاء على حاكم مصرف لبنان في هذه اللحظة الحرجة، بغض النظر إذا كان مخطئاً أم لا، إلا “أنه الشخصية الوحيدة التي تستطيع أن تنشئ الصمود النقدي والمالي عبر المصرف المركزي”.
وعند سؤاله عن أسباب هذا الارتفاع الجنوبي للدولار، يوضح جباعي أن “الأسباب سياسية واقتصادية أبرزها إقفال المصارف، كما يجب ألّا ننسى السبب التقني المتمثل بالدولرة الشاملة، وهذا الأمر ساهم في كساد العملة الوطنية واستعمال الدولار عوضاً عنها عبر تحويل الليرة إلى دولار، وهو ما أدى إلى فقدان الثقة بالليرة من قبل اللبنانيين”.
محاولات تأجيج سعر الصرف هو دعوة الناس للنزول إلى الشارع ونشوب أحداث أمنية وسياسية، بحسب جباعي، الذي استغرب الارتفاع المفاجئ لسعر الدولار بنحو 10 أو 12 ألف ليرة، ما يعني أن هناك من يستفيد من هذا الانهيار.
وأضاف: “هذا التفلّت الحاصل والمضاربات توجّه ضربة إلى المؤسسات المالية اللبنانية سواء أكان المصرف المركزي أو المصارف، وبالتالي هناك قوى تريد تأجيج الفوضى لاستثمارها بالوضع السياسي، منبّها إلى أن هذه الممارسات ستأخذنا إلى مزيد من الاحداث الأمنية، لذلك دعا إلى حل سريع عبر تسوية تُنتج رئيساً للجمهورية، فوجود رئيس للبلاد سيساهم في إدخال الأموال وفي الوفاق السياسي، واذا لم يتم تدارك هذا الأمر، فإننا ذاهبون حتماً إلى مزيد من الانهيار والحلول الصعبة.
المصدر: النهار