تنظرُ سعاد إلى المرآة بحسرةٍ، فالأبيض بانَ بعدما قٌمع لسنوات طوال، حينما كانت “الليرة بتحكي”… في تلك الايام كانت تزورُ مصفّف الشعر مرّتين في الأسبوع، هي الحريصة على مظهرها وترتيب شعرها. اما اليوم، فقد تبدّلت الاحوال، وما عادت تزورُ الصالون إلا في المناسبات، حتى شراء الصبغة بات أكثر بكثير من قدرتها.
حالُ سعاد كحال كثيرٍ من السيدات اللواتي ودّعن صالونات تصفيف الشعر بعدما كثرت مصاريفهنّ وباتت الاولويات مُرهقة ماديا لا بل شبه مستعصية، فوضعْنَ جمالهنّ، وتصفيفَ شعرهنّ جانبا لأن “المصروف ما عاد يحمُل”.
نسبةٌ غيرُ قليلة من النساء اللواتي كنّ يقصدن صالونات الشعر الشهيرة امتنعنَ عن الذهاب بعد الأزمة، فالصبغة هناك باتت كلفتها تتراوح بين 70 و100 دولار أي أكثر من 7 ملايين ليرة، وهو رقمٌ يساوي أضعاف الحد الادنى للأجور. تقول واحدة من تلك السيدات في حديث لموقعنا: “زوجي خسر عمله، وأصبحتُ المعيلة الوحيدة لعائلتي، وبالتالي راتبي بالكاد يكفي لتسديد فواتير الكهرباء والمولّد والسوبرماركت وأقساط المدرسة، فكيف لي ان أدفع مبالغ باهظة على شعري؟”.
حتى شراءُ صبغة من السوبرماركت بات مُكلفًا، فالأسعار تقارب الـ7 دولارات للحنجور الواحد (وفق الصورة أعلاه)، ما يساوي وفق دولار الـ95 ألفا حوالى 680 ألفا، وهو قد يكون باهظا للبعض.
“شو بو الأبيض”؟ تضحك رانيا، حين نسألها عن الموضوع، وتضيف: “في الماضي كنت أصبغ شعري في المنزل مرّة في الشهر، أما ومع ارتفاع الأسعار فأخذت قرارا بتركه على حاله، فالأبيض جميلٌ أيضا، ولن أكون سعيدة بصرف مبلغٍ على شعري بإمكاني أن أشتري فيه اللحم والدجاج”.
كما النساء، الرجال أيضا دخلوا على خط “أزمة الشيب”، فهم أيضا باتوا يتردّدون في صبغِ شعرهم مع ارتفاع الاسعار، وهم وجدوا تبريرا لفعلتهم لإقناع أنفسهم بواقع شعرهم، وهو أن “الشيبة هيبة”، كما أن بعض النساء يجذبهنّ الرجل الذي خصّل الشيبُ شعرَهُ…
فإن كان الأبيضُ للشّيب طبيعيّا، فإن تشييبنا ليس من فعلِ الطبيعة، بل من صنعِ أيدٍ سرقت ما في الجيوب وخرّبت ما في العقول.
المصدر : mtv