تدل الحوادث والإشكالات الأمنية التي تتكرر في الآونة الأخيرة في بعض المخيمات الفلسطينية سواء في بيروت أو في عين الحلوة وغيرها، على حجم الإحتقان والتوتر، حيث تعيش هذه المخيمات واقعاً إقتصادياً واجتماعياً مريراً، كما الواقع على كل الأراضي اللبنانية، حيث تشير معلومات مصادر سياسية متابعة للوضع، إلى أن لقاءات عدة حصلت في الساعات الماضية بين قيادات ومسؤولي الفصائل الفلسطينية، تجنباً لأي ذيول أو تطورات أمنية على خلفية الحادث الأمني الذي حصل منذ أيام، توازياً مع التنسيق المستمر بين فتح ومخابرات الجيش اللبناني للإمساك بزمام الامور. علماً أن هذه هي توجهات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يصرّ على عدم الإساءة إلى العلاقة بين الفلسطينيين والدولة اللبنانية، وهو الأمر الذي تتابعه السفارة في بيروت من خلال سفيرها أشرف دبور.
ووفق المعلومات نفسها، فإن لقاءات قد تمّت بين بعض القيادات الفلسطينية في السفارة الفلسطينية، من أجل تجاوز أي دخول من بعض التنظيمات على خطّ التوتر الذي حصل، والعودة إلى المراحل السابقة كما سبق وحصل وتحديداً في مخيم عين الحلوة، فيما ما يبعث على القلق أن أطرافاً وتنظيمات جديدة دخلت على الواقعين السياسي والأمني، وبات لها دوراً سياسياً وميدانياً قد يوازي دور حركة فتح والفصائل التي تمسك بالوضع والقرار الفلسطيني على الساحة اللبنانية.
وعلى خطٍ مواز، فإن الهواجس التي تُسجّل لدى المسؤولين الفلسطينيين وكذلك اللبنانيين، تتركز حول تردي الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية الصعبة في المخيمات وخارجها، حيث تُسجّل تقارير ديبلوماسية، هجرة غير مسبوقة من العائلات الفلسطينية في لبنان إلى أوروبا، وتحديداً ألمانيا وكندا، وبعض الدول الأخرى، ومردها تراجع مساعدات وكالة الأونروا، والحديث عن احتمال توقفها نهائياً على خلفية الإنهيار الإقتصادي العالمي، وارتدادات الحرب الروسية – الأوكرانية على هذا الإقتصاد العالمي، وهذا ما أدى إلى انهيار القطاعات الإجتماعية في المخيمات، إضافة إلى تضاؤل فرص العمل أمام الفلسطينيين.
وتحدثت المصادر عن سلسلة لقاءات بين ممثلي السلطة الفلسطينية ووزراء لبنانيين على مدى السنوات الماضية من أجل دراسة الحقوق المدنية للفلسطينيين، وفي صلبها حرية العمل على غرار العمال الأجانب في لبنان، إلاّ أن هذه اللقاءات والإجتماعات لم تؤت أهدافها المنشودة لظروفٍ سياسية واقتصادية واجتماعية لبنانية، وقد تراجعت حالياً وتكاد تكون شبه معدومة، على الرغم من المطالبات والبيانات الفلسطينية الداعية للحكومة اللبنانية لإعادة النظر بحقوق الفلسطينيين الإجتماعية، علماً أن الإنهيار الإقتصادي والمالي في لبنان، قد جعل من كل الموجودين على الأراضي اللبنانية بحاجة للمساعدة والإغاثة.
وأخيراً، تكشف المعلومات المواكبة عن أن المخاوف تبقى قائمة من أي توتر أمني في المخيمات، ربطاً بالأجواء الإقليمية المضطربة، ومن ثم دخول أكثر من جهة على خط المخيمات من تنظيمات متعددة الإنتماءات، إضافةً إلى أن ما يجري في الداخل من مفاوضات بين السلطة و”إسرائيل”، لم “تهضمه” بعض الفصائل الفلسطينية المناوئة للسلطة، ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك على المخيمات في لبنان، خصوصاً وأن التجارب والمحطات السابقة ماثلة للعيان في هذا الاطار.
المصدر : الديار