اما وقد لامس سعر الدولار في السوق السوداء امس سقفا خياليا اقترب من التسعين الف ليرة ويتهيأ لبلوغ المئة الف ليرة “الأولى”، فان ذلك وضع لبنان امام المتاهة التي تخوف الكثيرون من بلوغها والتي تنذر بالعجز المطلق عن لجم المرحلة الأخطر من الانهيار المالي بما يفتح أبواب كل الاحتمالات السلبية على غاربها وسط واقع تحول معه لبنان سفينة تائهة وسط الانواء في بحر هائج بلا ربان. من دون منطق تبريري للتحليق الناري المنفلت ومع واقع سياسي اخذ بالتدهور والانسداد تباعا، وبمواكبة واقع اجتماعي هو الأشد دراماتيكية منذ بدء تدحرج الانهيار قبل ثلاث سنوات ونيف، مضى الارتفاع الناري لسعر الدولار نحو سقف التسعين الف ليرة منذرا بتفلت عارم ترجمه فورا اشتعال اسعار المحروقات بارتفاعات مطردة على دفعتين تجاوز معها سعر صفيحة البنزين المليون ونصف المليون ليرة وذلك عشية بدء التسعير بالسوبرماركت في الدولار اليوم. كما ان الانعكاس الناري الاخر تمثل في اعتماد الحكومة لسعر 45 ألف ليرة لسعر صرف الدولار الجمركي، بدءًا من اليوم الأربعاء، أما السلع المستوردة باليورو فسيتم احتساب دولارها الجمركي بـ48,200 ليرة بدءا من اليوم أيضا. كما ان نقابة المستشفيات دقت جرس الإنذار حيال “خطر وضع المستشفيات على حافة الزوال” معلنة انها “لا ترى حلا الا بدولرة فواتيرها وفق الية تحفظ استمرارها وإمكان شراء الادوية واللوازم الطبية لتامين علاجات المرضى”.
هذا التدهور المخيف ارخى ظلالا كثيفة على مجمل المشهد الداخلي وسط تعاظم المخاوف من تفلتات اكبر واخطر ما دام الانسداد السياسي سيد الموقف وما دامت السلطة قائمة شكلا ولا تأثير لوجودها فعلا. بدليل ان جلسة اللجان النيابية المشتركة التي اسقطتها مقاطعة نواب “التيار الوطني الحر” تحولت الى منبر نعي للوضع العام و”مناجاة” تشديد ببغائية على ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية، كما ان مواقف مماثلة للبطريرك الماروني لم تخرج عن اطار المطالبة الملحة بانتخاب الرئيس لكنها مواقف تثبت الدوران في معادلة العجز عن تبديل أي حرف في منهج التعطيل الذي يمضي فيه الفريق التعطيلي غير ابه ببلوغ البلاد المرحلة الأخطر من الانهيار.
المصدر : النهار