إلى أين يأخذ أهل الحل والربط هذا الشعب المغلوب بهذه المنظومة السياسية الفاشلة، بعدما عمدوا وبكل صفاقة إلى دولرة لقمة العيش والدواء والكهرباء والإتصالات، فيما رواتب الأكثرية الساحقة من اللبنانيين تُدفع بالليرة المتلاشية رقماً وقيمةً أمام الدولار.
بالأمس القريب تم سفك حوالي ٢٠ مليار دولار على دعم وهمي للسلع والمواد الغذائية، ذهبت إلى جيوب التجار وأزلام السياسيين، ولم يستفد منها المواطن إلا بالنزر البسيط جداً. وبعد نفاد هذا الإحتياطي الإلزامي من أموال المودعين، توقف الدعم وعادت الأسعار إلى الإرتفاع المضطرد مع كل قفزة جديدة للدولار، وكان أن تم تبديد المليارات تحت ضغط السلطة الغبية على البنك المركزي، لأن الحكومة وفريق العهد السابق لم يكن لديهما خطة لمواجهة اعاصير الإنهيارات التي كانت تهب تباعاً على البلد.
واستمر هدر ما تبقى من الإحتياطي على دولار «المنصة»، التي وجد فيها المضاربون وأصحاب النفوذ وكبار التجار ضالتهم، لتحقيق أرباح يومية بمعدل ١٠ بالمئة من الدولارات التي يأخذونها بسعر المنصة، ويتم صرف معظمها بسعر السوق السوداء، أو على الأقل إستيراد البضائع بدولار المنصة وبيعها بأسعار العملة الخضراء المرتفعة عند الصرافين والمضاربين.
ورغم كل التطمينات الوهمية، تحولت المنصة إلى «بالوعة» لمئات الملايين من الدولارات حيناً، وللعشرات يومياً أحياناً أخرى، دون أن تتمكن من كبح جماح الإرتفاع الدولار يومياً، ولا تهدئة التراجع الدرامي لليرة.
وسرعان ما تحولت المنصة إلى ستارة مكشوفة لدولرة الحياة اليومية للبنانيين، من خلال ربط قيمة فواتير الكهرباء والمياه والإتصالات، وحتى الرسوم والضرائب، بسعر دولار المنصة، الذي أصبح يُجاري قفزات الدولار الأسود بالإرتفاع اليومي، الأمر الذي سيؤدي عاجلاً إلى إنفجار إجتماعي لا مناص منه، بسبب تآكل القيمة النقدية والشرائية لليرة أمام الدولار في السوق السوداء، وعلى المنصة معاً.
دولرة أسعار السلع الغذائية خطوة ترقيعية جديدة، في مسلسل السياسات العشوائية، التي تستسهل القرارات الإرتجالية، ولو كانت تزيد الأزمات تعقيداً، وتقذف بالحلول بعيداً!
المصدر : اللواء