الإثنين, نوفمبر 25, 2024
الرئيسيةإقتصادلبنان يرفع سعر الصرف الرسمي.. خطوة ضرورية أم “اختراع غير إصلاحي”؟

اضغط على الصورة لتحميل تطبيقنا للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

لبنان يرفع سعر الصرف الرسمي.. خطوة ضرورية أم “اختراع غير إصلاحي”؟

انضم الى قناتنا على الواتساب للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

انضم الى قناتنا على التلغرام

spot_img

انضم الى مجموعتنا على الفيس بوك

spot_img

دخل لبنان في مرحلة جديدة مع بدء تطبيق مصرف لبنان قرار رفع سعر الصرف الرسمي من 1507 ليرة إلى 15 ألف ليرة مقابل الدولار، وذلك كخطوة في طريق توحيد أسعار الصرف.

بعد حوالي ربع قرن من ثبات السعر الرسمي للدولار في لبنان، ارتفع دفعة واحدة نحو عشرة أضعاف، فيما بدأ سعر صرف الدولار قبل أربع أعوام بالارتفاع تدريجياً في السوق السوداء، حتى تخطى عتبة الستين ألف ليرة.

يأتي قرار رفع سعر الصرف الرسمي للدولار بحسب مع أشار إليه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لوكالة “رويترز” “تماشيا مع مسودة اتفاق توصل إليه لبنان مع صندوق النقد الدولي العام الماضي وحدد شروطا لتقديم خطة إنقاذ بقيمة ثلاثة مليارات دولار”.

وفي سبتمبر الماضي أعلنت وزارة المال اللبنانية في بيان أنه “بعدما بات من الملحّ تصحيح تداعيات التدهور الحاد في سعر الصرف وتعدّديته على المالية العامة، وذلك تقليصاً للعجز وتأميناً للاستقرار المالي، وبما أنّ السير بخطّة التعافي المالي والنقدي والنهوض بالاقتصاد يتطلب توحيد سعر الصرف، لذا، أصبح وقف العمل بسعر صرف الدولار الأميركي على أساس 1507 ل.ل. إجراءً تصحيحياً لا بدّ منه”.

وأشارت إلى أنه “كخطوة أولى باتجاه توحيد سعر الصرف تدريجياً، تمّ الاتفاق بين وزارة المالية والمصرف المركزي على اعتماد سعر 15 ألف ليرة لبنانية مقابل كل دولار أميركي، عملاً بأحكام المادتين 75 و83 من قانون النقد والتسليف كما وسائر النصوص التنظيمية والتطبيقية الصادرة عن مصرف لبنان”، مؤكدة أن “هذا الإجراء يطبّق اعتباراً من 1 نوفمبر 2022”.

عادت وزارة المال وأوضحت أنّ “التغيير في سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي سيتم على خطوتين، الأولى على صعيد الدولار الجمركي والثانية على صعيد سعر الصرف الرسمي المراد اعتماده بالتنسيق مع المصرف المركزي، والذي يعتبر خطوة أساسية باتجاه توحيد سعر الصرف”، مؤكدة أنّ “هذا الأمر سيكون مشروطاً بإقرار خطة التعافي التي يعمل عليها والتي من شأنها أن تواكب تلك الخطوة”.

في الوقت الذي يعيش 82% من سكان لبنان في فقر متعدد الأبعاد، مع تسجيل البلاد أعلى مستويات للتضخم في أسعار السلع والمواد الغذائية في العالم، وفقاً لـ”الاسكوا”، فإن ما يخشاه اللبنانيون مواجهة ظروف أشد قساوة مما عانوه منذ بدء الأزمة الاقتصادية وذلك نتيجة رفع سعر صرف الدولار الرسمي.

بين التأييد والمعارضة

ينقسم المحللون الاقتصاديون في لبنان حول أهمية وفعالية القرار الجديد، فبينما يعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة أنه “خطوة إيجابية لا بد منها وإن جاءت متأخرة جداً، كون سعر الصرف الرسمي القديم لم يعد واقعيا “ولا أحد يصدقه”، قائلاً “لو تم اتخاذ هذه الخطوة مسبقاً، أي منذ سنة أو سنتين لكنا وصلنا الآن إلى سعر صرف موحد للدولار”.

أما الخبيرة الاقتصادية الدكتورة ليال منصور فترى أنه “منذ بدأ الأزمة الاقتصادية لم يتم اتخاذ أي قرار أو إصدار أي تعميم ضمن إطار السياسة النقدية لمعالجة المشكلة الأساسية، فلبنان يعاني من أزمة سعر الصرف والمطلوب هو تغيير نظام سعر الصرف وليس رفع سعر الصرف الرسمي لتحصيل مزيد من الإيرادات لخزينة الدولة في محاولة للتأقلم مع المشكلة”.

من جانبه يشدد خبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي على أنه لا يمكن الحديث عن تعديل سعر الصرف الرسمي “بمعزل عن موازنة عام 2022 التي تضمنت تعديل سعر إيرادات وزارة المالية من دون أن تطلع هذه الوزارة المواطنين إلى حد الآن عن سعر صرف نفقاتها وفوق ذلك فرضت على التجار تسديد الرسوم العائدة لها نقدا، ما يحول دون تمكّن مصرف لبنان من عزل نفسه عن الساحة الاقتصادية”.

التأثير الأول لتعديل سعر الصرف الرسمي يتعلق بحسب فحيلي “بسعر صرف السحوبات الاستثنائية التي جرى توحيدها على السعر الجديد، ولكن لن تتأثر المصارف بذلك فيما يتعلق بحسابات العام الماضي 2002 التي أغلقت دفاترها، وخصوصاً لجهة احتساب رأسمالها، على سعر صرف 1500 ليرة، لكنها ستواجه هذا العام خسائر وهبوط حاد في رأسمالها نتيجة قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان، ولذلك منحها المركزي خمس سنوات لامتصاص خسائرها للتخفيف من التأثيرات الاقتصادية.

وكان سلامة أشار خلال حديثه مع “رويترز” إلى أن “المصارف التجارية ستشهد انخفاض جزء من رؤوس أموالها، الذي هو بالليرة، بمجرد تحويله مقابل الدولار بسعر 15 ألفا بدلا من 1500، وأضاف أنه من أجل تخفيف أثر هذا التحول، ستُمنح البنوك 5 سنوات “لتعويض الخسائر الناجمة عن خفض قيمة العملة”.

ولمعرفة التأثير الثاني لتعديل سعر الصرف الرسمي يجب معرفة حجم التداول بسعر الصرف القديم، ويقول فحيلي “حجم التداول يتعلق بالقروض الشخصية التي بات على المقترضين الآن تسديدها على سعر صرف 15,000 ليرة، مع العلم أن حجم قروض التجزئة المتبقية الى اليوم ليس كبيراً، كما أن على كبار التجار دفع الضريبة على السعر الجديد، ما سيعزز الطلب على النقدي، وبما ان المصارف تحدد سقف السحوبات بالليرة اللبنانية فإن أي مودع يضطر إلى سحب مبلغ مالي إضافي عليه تحرير شيك مصرفي وبيعه في السوق بأقل من سعره بالتأكيد، ما يعني أن القيمة الاقتصادية للودائع بالليرة اللبنانية سوف تتآكل كما تآكلت القيمة الاقتصادية للودائع بالدولار المقيم”.

“اختراع غير إصلاحي”

سبق أن أكد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر، بعد زيارته لبنان في نوفمبر 2021، أن السلطة اللبنانية والمصرف المركزي مسؤولان عن أزمة مالية غير مسبوقة أدت الى “إفقار غير ضروري” لغالبية السكان الذين يتخبطون لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم”.

رفع سعر الصرف الرسمي ليس إجراء إصلاحيا لحل الأزمة الاقتصادية، كما تشدد منصور “نعم قد يوحّد أسعار صرف منصة صيرفه والسحوبات والإيداعات والرسوم، لكن ما زال هناك سعر الصرف الحر أو بما يعرف بالسوق السوداء الأقرب الى السعر الحقيقي للدولار، كما أن هناك طرقا تطبيقية عملية لتوحيد سعر الصرف بعيدة كل البعد عن الإجراءات التي يتخذها حاكم مصرف لبنان، وذلك من خلال تحرير سعر الصرف أو من خلال الاستغناء عن المصرف المركزي، أما ما يقوم به سلامة فهو كمن يمسك العصا من الوسط، أي لا يحرر سعر الصرف ولا يثبته بصورة صحيحة، بل يخترع تثبيتاً غير صحيح تطبيقياً”.

سيؤدي هذا القرار بحسب منصور “إلى ارتفاع الرسوم وبالتالي الأسعار، وسيستمر ضخ أموال بالليرة اللبنانية في السوق ما سيؤدي الى ارتفاع الدولار أكثر”، كذلك يقول فحيلي “الواقع يشير إلى أننا سنشهد سباقا بين سعريّ الصرف الرسمي والسوق السوداء، فكلما ارتفع سعر الصرف الرسمي أو السحوبات الاستثنائية يرتفع سعر الدولار في السوق الموازية، وهذه الاضطرابات النقدية التي يعيشها اللبنانيون في الأشهر الماضية، ما هي الا نتيجة موازنة ال 2022 التي تم إقرارها في شهر نوفمبر الماضي”.

باختصار كما يقول “بعد هذا القرار سيتعزز الطلب على النقدي، وتتآكل القيمة الاقتصادية حتى للحسابات بالليرة اللبنانية في المصارف، وسنتوجه نحو الاستبعاد الاقتصادي للقطاع المصرفي، فعندما يطلب من كل مكونات الاقتصاد تسديد التزاماتها ودفعاتها بالنقدي، يعني انه لا يتم الاعتراف بوسائل الدفع المتاحة من خلال القطاع المصرفي (بطاقات دفع وائتمان وشيكات وتحاويل)، وبشرت السوبرماركت والمحلات التجارية بالتوقف عن قبول البطاقات، وتسديد الرسوم والضرائب في الدوائر الرسمية أصبح بالنقدي وليس بالبطاقات والشيكات”.

الحقيقة “المرّة”

إذا كانت المشكلة الأساسية في لبنان كما يرى حبيقة “سياسية، اقتصادية واجتماعية، تنعكس سلبا على الليرة اللبنانية، فالمشكلة ليست بالليرة بحد ذاتها، وبالتالي يجب معالجة أصل المشكلة لاسيما السياسية من انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة، وإلى حينه سيتجه الوضع من سيء إلى أسوأ حيث ستتسع دائرة الفقر والمأساة”، فإن منصور تشير إلى وجود أوجه عدة للأزمة الاقتصادية، منها “الأزمة العقارية والمصرفية وانعكاسات الأزمات الخارجية وأزمة سعر الصرف”.

وتشرح “كل الأزمات الاقتصادية تعالج نفسها بنفسها مع مرور الوقت نتيجة التأقلم إلا أزمة سعر الصرف فهي تستمر على مدى سنوات إذا لم يجر معالجتها، ما يعني أننا في أزمة مستمرة لا تحل بتغير السياسيين وانتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة، كونها ليست أزمة سوء إدارة فقط، بل القضية أكبر من ذلك، تتعلق بعملة وطنية لفظت آخر أنفاسها وليس فقط منهارة، من هنا يجب استبدالها وهذه هي الحقيقة التي يرفض الجميع الاعتراف بها”.

وكان البنك الدولي أشار في تقرير إلى أن الخلاف بين الأطراف المعنية الرئيسية في لبنان حول كيفية توزيع الخسائر المالية لا يزال يمثل “العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق بشأن خطة إصلاح شاملة لإنقاذ البلاد. ومن المرجح أن يؤدي الفراغ السياسي غير المسبوق إلى زيادة تأخير التوصل لأي اتفاق بشأن حل الأزمة وإقرار الإصلاحات الضرورية، مما يعمق محنة الشعب اللبناني”.

وقال المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي، جان-كريستوف كاريه “‫إن عمق الأزمة واستمرارها يقوضان قدرة لبنان على النمو، إذ يجري استنفاد رأس المال المادي والبشري والاجتماعي والمؤسسي والبيئي بسرعة وعلى نحو قد يتعذر إصلاحه. كما دعونا مرارا وتكرارا، على لبنان اعتماد حل منصف وشامل على وجه السرعة يعيد الاستقرار للقطاع المالي ويضع الاقتصاد على مسار التعافي”.‬

“قرار الحاكم المركزي المعطوف على قرار وزير المالية ومعطوف على قانون الموازنة العامة للعام 2022” يحول بحسب فحيلي “دون امكانية وضع أي خطة أو اتخاذ أي خطوة باتجاه إعادة ترميم الثقة بين المصارف والمودعين، وأصحاب الدخل المحدود هم أكثر من سيعانون من هذه التطورات. ولا يتحمل مصرف لبنان وحده مسؤولية هذا الاختناق الاقتصادي، بل كذلك هناك مسؤولية على قرارات وزارة المالية ومكونات السلطة السياسية”.

بعد تعديل سعر الصرف الرسمي الأنظار تتجه كما يشدد فحيلي “نحو المضاربين في السوق السوداء والتسعيرات التي سيحددونها للمضاربة، وكخطوة استباقية طلب سلامة من السلطة السياسية المباشرة في توقيفهم وتوقيف العمل بتطبيقات الواتساب التي يستخدمونها، وإن كانت ليست المرة الأولى التي يتم فيها إيقاف العديد من الصرافين قبل معاودة الإفراج عنهم، من دون أن يمنع ذلك من ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية”.

أي هبوط بسعر صرف الدولار في السوق السوداء هو ظرفي كون الممر الإلزامي لأي إجراء له طابع استدامة، وهذا لا يكون بحسب فحيلي “سوى بإصلاح المالية العامة وإعادة هيكلية المصارف، وهو ما أصبح ضرورياً للحؤول دون أن نشهد اختناق اقتصادي هذا العام لاسيما وأن الجزء الأكبر من اقتصاد لبنان أصبح يرتكز بشكل كبير على التداول بالأوراق النقدية – لبناني ودولار – ومن المستحيل تكوين فكرة دقيقة عن النمو أو الانكماش في المؤشرات الاقتصادية”.

المصدر : الحرة

Ads Here




مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة