كان لافتاً، أمس الجمعة، السعر الذي أعلنه مصرف لبنان بشأن “دولار صيرفة”، إذ تبيّن أن الأخير ما زال مُستقراً عند سعر الـ38 ألف ليرة وسط وصول الدّولار قبل ساعات إلى سعر الـ48500 ليرة لبنانية.. فما الذي دفع بالسعر للارتفاع بهذا الشكل اللافت والكبير؟
في هذا الإطار، يقول الخبير الاقتصادي د. محمود جباعي إنّ “توقف المصارف عن إعطاء الدّولار على صيرفة بشكلٍ سريع ساهم بارتفاع سعر صرف الدولار مجدداً كما كان متوقعاً، لأن مصرف لبنان في كل اجراءاته يقوم فقط بلجمِ الارتفاع وتأخيرهِ ولا يقوم بتثبيت الدولار على سعر معين لأنه ليس لديه القدرة على ذلك”.
وتابع: “فعلياً، فإن هذا الأمر بحاجة الى إصلاحاتٍ ماليّة واقتصادية فضلاً عن الوفاق السياسي الشامل. لذلك، فإنّ مسار الدولار هو تصاعدي باستمرار، وما نشهده من إعادة ارتفاع سعر الدولار هو أمرٌ طبيعي في ظل التخبط السياسي القائم في البلاد لعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية والأخذ والرد على صعيد جلسات الحكومة بين الأفرقاء السياسيين”.
واعتبر جباعي أن “كل تلك العوامل تتسبب بالمزيد من الضغط على الليرة اللبنانية، وتفقد ثقة الشعب اللبناني بعملته الوطنية، الأمر الذي يدفعه لتحويل الليرات الموجودة لديه إلى الدولار”.
وكشف جباعي أنّ حاجات التجار من أجل الاستيراد تتراوح بين مليار و 400 مليون ومليار و500 مليون دولار شهرياً، مما يخلقُ المزيد من الطلب على الدولار في السوق، الأمر الذي يتسبّب بارتفاعه السّريع.
وتابع: “نحنُ بحاجة إلى حلّ جذري في السياسة والاقتصاد، وعلى القوى السياسية التوقف عن مهاتراتها والعمل سريعاً على انتخاب رئيس وتسيير عمل الحكومة. كذلك من الضروري أن تتماشى السيّاسة المالية مع السياسة النقدية تمهيداً لوقف طباعة الليرة عبر تحسين الجباية وتحصيل الليرات من الشركات الكبرى لامتصاصها بالسوق”.
وبحسب الخبير الاقتصادي، فإن الشيء الوحيد الذي يلجم الارتفاع الصاروخي للدولار هو تدخل مصرف لبنان، مشدداً على ضرورة أن “يكون هذا التدخل طويل الأجل هذه المرّة لأن الواضح هو أن التعاميم قصيرة الأجل لم تعد تُجدي نفعاً”.
وختم: “على الشّعب اللبناني أن يحتفظ بدولاراته وأن يصرف ما لديه من عملة صعبة وفق حاجاته”.