لا شكّ بأن إقرار الدولار الجمركي لم يمر مرور الكرام على بعض القطاعات، وكيف لا؟ إذا كان المواطن نفسه لا يزال يضرب أخماسه بأسداسه ليحتسب القيمة المضافة التي ستترتب عليه فيما لا يزال يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانيّة وبأقل من الحدّ الأدنى للأجور حتّى. ولعلّ أكثر السلع التي ستتأثر بالرسوم الجمركية الجديدة ستكون السياراتوقطعها المستوردة كافة، الهواتف الخلوية، والأدوات والمعدات الكهربائيّة على أنواعها. أمّا السؤال الأصح اليوم ليس حول كيفية احتساب الدولار الجمركي، بل ما إذا كان سيقف سقفه عند هذا الحدّ أو أنّها ليست إلّا حقنة “مورفين” موقتة لإلهاء التجار قبل الانهيار الكبير؟
عملياً، يتعرّض قطاع السيارات في لبنان إلى نكسة غير مسبوقة منذ بداية انتشار وباء كورونا وصولاً إلى الانهيار الاقتصادي الراهن، مع العلم أنّها لا تؤثر فقط على أصحاب المعارض أو المستوردين، إنّما على القطاعات الأخرى التي تُعنى بالسيارات وصيانتها، كما على القطاع السياحيّ، وبالتالي على المواطن الذي سيُصبح عاجزاً عن تغيير إطارات سيّارته أو تحمل تكاليف تصليحها إذا تعطلّت، ممّا سيؤدّي إلى ارتفاع معدلات حوادث السير، وبخاصة في فصل الشتاء.
استعدّوا لارتفاع إضافيّ في هذه الحالة…!
“إنّها خطة مدروسة بعناية لإفلاس القطاعات، وليست إلّا البداية بعد”، بهذه الكلمات يكشف نقيب مستوردي السيارات المستعملة إيلي قزي لموقع mtv أنّ “المشكلة الجوهرية اليوم ليست برفع الدولار الجمركي إنّما بعدم تعديل الشطور لتتناسق معه وتحمي على حدّ سواء التاجر والمواطن”، مؤكداً أن “السياسة الحالية التي يتبعها المعنيون ستدفع بالقطاع إلى الإفلاس أو الهجرة ووقتها سيشعرون بالكارثة الفعليّة التي ارتكبوها بحقّنا وبحقّ الشعب بأكمله”.
بعيداً عن الشرح المعقّد، نستعرض لكم قيمة الرسوم الجمركية التي ستضاف إلى السيارات، وهي تقريباً كالآتي حتّى الساعة، إذ أنّها عرضة للتغيير وفقاً للحاجة:
-السيارة التي كانت تبلغ قيمتها 5 آلاف دولار، سترتفع الرسوم عليها لتصبح 94 مليون ليرة لبنانية.
-السيارة التي كانت تبلغ قيمتها 15 ألف دولار، سيرتفع الجمرك عليها إلى نحو 180 مليون ليرة.
-السيارة التي كانت تبلغ قيمتها 50 ألف دولار، سيرتفع الجمرك عليها إلى 500 مليون ليرة.
-أمّا المركبة التي تبلغ قيمتها 100 ألف دولار وما فوق، فحدّث ولا حرج، إذ جمركها يتخطّى المليار ليرة لبنانيّة.
طبعاً، هذه الأسعار ليست ثابتة، وبالتالي لا تشمل تكلفة التسجيل والصيانة وسعر السيارة الأساسيّ، أيّ أن حتّى حلم امتلاك سيّارة ولو صغيرة سيكون صعب المنال، والويل الحقيقيّ إذا تقرّر اعتماد دولار صيرفة، وقتها ستقفز هذه الأسعار 3 أضعاف أو أكثر، وفقاً لقزي.
الدولة تنهش قطاع السيّارات… والتجار يُناشدون
في سياق متصل، يوضح قزي أن “أزمة إقفال النافعة وتوقف سير العمل في هيئة إدارة السير والتأثير السلبي لانهيار العملة الوطنية لعبا دوراً كبيراً في تغيير قدرة المواطن الشرائية، والشبه معدومة اليوم”، لافتاً إلى أن “الدولة عادة تتقاضى نحو 45% من قيمة السيارات المستوردة كرسم استهلاك، إضافة إلى 5% للخزينة وفقاً للاتفاقية التي وقعت قبل سنوات مع الاتحاد الأوروبي، ناهيك عن رسم الـtva وغيره من المصاريف التي يتكبدها التاجر برضى حفاظاً على مصلحته، كي لا يضطر إلى الإقفال مرغماً”. إلى ذلك، يُعلن النقيب خلال حديثه أن نقابته على تواصل مباشر مع وزارة المالية، وهما بصدد تفعيل لجنة مختصّة لإيجاد حلّ وسط يُرضي الدولة والمواطن والتاجر من باب ضمان استمرارية القطاع”.
ويُضيف: “لسنا ضدّ إقرار الدولار الجمركي، ولكننا نحتج على تفعيله دون وجود خطّة تحمينا، وهدفنا اليوم تقسيم الرسم الاستهلاكي الذي يدفعه التاجر أو المستورد وفقاً لمواصفات وسعر السيارة، فمثلاً المركبة التي يبلغ سعرها 5000 دولار، نعمل على تخفيض رسمها إلى 10%، وتلك التي يبلغ سعرها 15 ألفاً نحاول تخفيض رسم استهلاكها إلى 20%، فبهذه الطريقة أقلّه نضمن ربحنا ولو بشكل بسيط”.
وحول تفعيل الدولار الجمركي، يقول قزي إن “الجهات المعنية وعدتهم باعتماد دولار 8000 آلاف موقتاً لحين تعديل القوانين والشطور المتعلقّة بالاستيراد”، مشدّداً على أنّها “ليست الحلّ ولن تمنع الانهيار، والخطورة الفعلية تكمن في المماطلة والتملّص من المسؤوليات”.
بالنسبة الى تجار ومحال بيع القطع المستعملة والجديدة لم يختلف الوضع كثيراً، فالتحذير ذاته والصرخة نفسها، حيث يقول حسين حمية وهو صاحب أحد محال الإطارات في منطقة الشياح أن “الأسعار سترتفع مع بداية العام تماشياً مع الدولار الجمركي والوضع العام”، موضحاً أن “سعر الإطار الواحد سيتخطّى الـ100$ أيّ سيتوجب على المواطن دفع نحو 400$ كحدّ أدنى لتغيير إطارات السيّارة دون ذكر أسعار القطع الأخرى التي ستُسعّر بالدولار حصراً ابتداءً من السنة الجديدة”، مضيفاً: “ما فينا نقول إلّا الله يساعد العالم من للي ناطرن”.
للتجار مآخذ عدّة وغضب انفجر بالشارع أخيراً خوفاً من فقدان مصالحهم، فهل يُصلح تعديل القانون ما أفسده طمع المعنيين والانهيار الاقتصادي؟
Mtv