لا شكّ بأن ارتفاع سعر صفيحة البنزين أثقل كاهل اللبنانيين، لتأتي الحرب الأوكرانيّة وتفاقم الوضع سوءاً مع تحليق أسعار النفط عالمياً، فما كان من أصحاب السيّارات في لبنان سوى خيارَين : إمّا بيع المركبة واستبدالها بأخرى أقل تكلفة، أو الاتجاه نحو السيّارات الكهربائية التي غزت الأسواق لا سيّما وأنّها صديقة للبيئة وبالتالي لا تُكبّد صاحبها مصاريف صيانة مرتفعة أو بنزين.
بحسب دراسة أعدتها الدولية للمعلومات، تبيّن أنه مع وصول سعر صفيحة البنزين إلى أكثر من 748 ألف ليرة وبلوغ سعر صرف الدولار مستوى 40 ألف ليرة، ارتفعت كلفة النقل إلى حدّ قد لا تتحمّله غالبية اللبنانيين، إذ أصبحت كلفة الكيلومتر الواحد 6,211 ليرة لدى استخدام سيارة خاصة يبلغ متوسط استهلاكها 170 كلم/ 20 ليتراً من البنزين. وكلّما زاد استهلاك السيارة، وتقادم طرازها وصارت تحتاج صيانة دائمة، ترتفع هذه الكلفة، وكلما كان طرازها حديثًا تنخفض وتقلّ كميّة استهلاك البنزين.
وفي تقارير سابقة، كشفت الإحصائيات أنّه بالرغم من الأزمة الاقتصادية التي يمر بها البلد فقد سجل خلال شهري كانون الثاني- شباط ٢٠٢٢ ارتفاعاً في تسجيل السيارات الجديدة إذ وصل عددها إلى ٧٦٢ سيارة مقارنة بـ٦٢ سيارة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، والسبب الأساسي لهذا الارتفاع هو الإسراع في اقتناء السيارات قبل ارتفاع أسعارها في حال رفع الدولار الجمركي. وبالرغم من هذا الارتفاع في بيع السيارات هذا العام فإنه يبقى أدنى من الأعداد التي بيعت في السنوات قبل الأزمة إذ بلغت نحو 4,800 سيارة.
إقبال على السيارات الكهربائية
يشهد سوق السيارات الكهربائية إقبالاً كثيفاً من قبل اللبنانيين اليوم، الذين تهافتوا على شراء تلك المركبات الصغيرة الصديقة للبيئة، في حين تُشير الأرقام إلى تزايد الطلب عليها بنحو ٤٧،٨ في المئة خلال العام الحالي، ومن المتوقع أن يرتفع الإقبال عليها أكثر مع حلول عام ٢٠٣٠. وتُشير مصادر معنيّة لـ”المدن” إلى أن “شركات السيّارات اليابانيّة وضعت خطة تهدف إلى بيع أكثر من ١٠٠٠ سيّارة كهربائية مجهزة في لبنان بأسعار منافسة للسيّارات العادية مع إمكانية التقسيط لمدّة ٥ سنوات، في خطوة من شأنها تخفيف أعباء المواطن ومنحه تجربة فريدة من الرفاهية دون أن يشغل باله بتكاليف “المشوار” وانقطاع مادة البنزين وغيرها من الأمور التي اختبرناها خلال السنتين الماضيتين وكانت الدافع الأساسي في التحوّل غير المسبوق الذي تشهده أسواق السيّارات في لبنان مؤخراً”.
في سياق متصل، يُشير رئيس قسم المبيعات في إحدى الشركات التي تستورد المركبات الكهربائية إلى أن “سعر هذه السيارات يبدأ من ٢٠ ألف دولار تقريباً، حيث بإمكان المشتري استبدال مركبته القديمة بأخرى من اختياره مع إمكانيّة التقسيط أو الدفع عبر شيك مصرفي وفقاً لسعر صرف السوق السوداء”.
إعفاء من الجمرك ولكن…
يكشف المصدر في حديثه لـ”المدن” أن “السيارات الكهربائية معفاة جمركياً ولكن لا وكالة حصريّة لشركة معيّنة لاستيرادها منعاً للاحتكار والتحكم بالزبون. ولكن ما يحصل اليوم هو العكس تماماً، إذ أصبح أصحاب المعارض العادية هم من يستوردون هذه السيارات ويسعّرون على هواهم ممّا خلق منافسة كبيرة، مع العلم أن معظم تلك المركبات لا تستوفي الشروط اللازمة وبالتالي غير صالحة للقيادة أو تتعطل بعد مدّة قصيرة، فيأتينا الزبون ليُصلحها عندنا ولكن للأسف لا تتمّ الأمور بهذا الشكل إذ لا نعترف ولا نكفل إلّا السيّارة التي نبيعها مباشرة للزبون عبر إحدى فروعنا فقط”.
كيف تُشرّج السيارات الكهربائية؟
سؤال يطرح نفسه اليوم في عالم السيّارات، فكيف يستطيع الزبون تشريج سيارته في ظلّ انقطاع التيار الكهربائيّ وارتفاع تكلفة المولدات؟ يُجيب المصدر مؤكداً أن بطارية السيارة الكهربائية لا تتطلب أكثر من ١٠ آمبير لإعادة التعبئة أو على الطاقة الشمسيّة حتّى، وتتراوح مدّة التشريج ما بين نصف ساعة ونحو ١٥ ساعة متواصلة كحدّ أقصى حسب سعة البطاريّة، ويُمكن للسائق إعادة التشريج عبر أيّ محطة محروقات مثل “هيبكو” مثلاً التي قامت بتركيب الـ”فاست شارجير” المخصّص لهذه الغاية تحديداً، أو ببساطة يُمكنه حمل كابل التشريج معه كـ”شارجور” الهاتف الذكيّ”.
وفقاً للخبراء، يمكن للسيارات الكهربائية أن تقطع مسافة تتراوح ما بين ٣٥٠ و٨٠٠ كلم، وكالسيارة العادية فإنّها تصرف المزيد من الطاقة عند السير صعوداً لكنها تعوض عنها نزولاً من خلال النظام الذكي للكبح والتخزين.
ماذا عن أسعار قطع السيارة الكهربائية؟
لا شكّ بأن دخول أيّ سيارة إلى الكاراج اليوم يشكل أزمة وسط تحليق أسعار القطع، هذا إن وُجدت طبعاً. في هذا الإطار، يُطمئن المصدر الراغبين بشراء إحدى السيارات الكهربائية بأنّها تحتاج إلى معاينة دورية بصورة أقل من السيّارة العاديّة”.
يزودنا رئيس قسم المبيعات ببعض النصائح التي من شأنها الحفاظ على حياة السيّارة الكهربائية، حيث يوصي بالحفاظ على مستوى شحن البطارية بنسبة 20 إلى 80 في المئة، إذ أن ملئ البطارية الكامل بشكل متكرّر يؤدّي إلى تدهورها، كما يجب عدم تعريضها إلى الحرارة المُفرطة أو ركنها لساعات طويلة تحت الشمس”.
بيئياً، تُبشر ظاهرة اعتماد السيّارات الكهربائية بالخير لجهة تقليص الانبعاثات الملوّثة، في حين يرى الخبراء أنّه مع حلول عام ٢٠٣٥ لن يعود أمر اقتناء سيّارة كهربائية خياراً، بل سيكون واقعاً حتمياً لا مفرّ منه. فما مدى جهوزية لبنان للتأقلم مع هذا التطوّر العالميّ؟