بدأت الإشارات الأميركية تظهر في الإستحقاق الرئاسي عشية إنتهاء ولاية العماد ميشال عون، وذلك من خلال تشجيع ترشيح النائب ميشال معوض، المعروف بعلاقات عائلته الوثيقة بالإدارات الأميركية المتعاقبة.
ولكن العالمين ببواطن الأمور يتوقعون إنخراطاً أميركياً أقوى، وأكثر جدّية بعد ٣١ تشرين، والدخول في مرحلة الشغور الرئاسي، حيث تشتد الضغوط على كل الأطراف السياسية للذهاب إلى مرشح توافقي، أو بالأحرى إلى تسوية سياسية، تقضي بإختيار رئيس من خارج المنظومة السياسية الفاسدة، وقادر على تحقيق أكبر إجماع ممكن على الصعيد الشعبي حوله، وهو الوضع الذي قد يُشكل فرصة لإختراق قائد الجيش العماد جوزاف عون السباق الرئاسي.
وإذا تأكدت التكهنات بأن طهران لم تكن بعيدة عن المساعي الأميركية خلال المفاوضات المعقدة للترسيم البحري بين لبنان والعدو الإسرائيلي، عبر الدور الذي قام به حزب الله من خلال المسيّرات والإحداثيات خلال التفاوض، ثم تأمين التأييد والتغطية للإتفاق بكل ما له وما عليه، تصح التحليلات التي تربط بين التوصل إلى الإتفاق بين لبنان والجانب الإسرائيلي، وما جرى في بغداد فجأة من «إنفراج» في الأزمة السياسية العراقية المستمرة منذ أكثر من سنتين، حيث جرى إنتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس حكومة من السياسيين المحسوبين على الإطار التنسيقي الناشط في المحور الإيراني.
وثمة من يُحذر بتكرار تجربة التنسيق الأميركي ــ الإيراني في لبنان، في حال إستمرار الغزل الأميركي الحالي لطهران، على حساب ردة فعل إدارة بايدن الغاضبة على قرار منظمة «أوبك بلس» بتخفيض إنتاج الأعضاء بمعدل مليوني برميل من النفط يومياً، ومضاعفات هذا القرار على الإنتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، وعلى إرتفاع أسعار النفط عالمياً، وخاصة على الأوروبيين.
والمعروف أن النفط الإيراني يصل إلى الأسواق العالمية بمعزل عن العقوبات الأميركية، وتعثر مفاوضات النووي الإيراني، فضلاً عن الدور الذي يقوم به الرئيس الفرنسي ماكرون في نقل وجهات النظر الإيرانية إلى حلفائه في واشنطن والإتحاد الأوروبي.
فهل تكون العودة الأميركية إلى لبنان مقرونة بتعزيز الدور الإيراني في بلد الأرز، وإستنساخ تجربة بلاد الرافدين؟
اللواء