إنتهت أمس المهلة التي أعطتها الدولة اللبنانية للشريكة الثالثة في كونسورتيوم النفط “نوفاتك”، للتنازل عن حصتها. وبموجب المادة 36 من اتفاقيتي الاستكشاف والإنتاج العائدتين للرقعتين 4 و9 في المياه البحرية اللبنانية فقد أصبحت حصة الـ 20 في المئة بحكم الامر الواقع من نصيب الدولة، بحسب الاستاذ الجامعي المتخصص في شؤون الطاقة د. شربل سكاف. ولكن على ما يبدو فإنّ الدولة لن تحتفظ بها لفترة طويلة. إذ أعرب وزير الطاقة وليد فياض في اليوم نفسه، عن رغبة قطرية في الحلول كشريك ثالث في الائتلاف. التسرع في التنازل عن حصة الدولة لا يعود فقط إلى الموجبات المادية التي يجب أن تتكفل بها، إنما أيضاً لأسباب استراتيجية تأخذها الدولة في الاعتبار.
“بموجب القانون يحق للدولة الإبقاء على هذه الحصة، أو التنازل عنها طوعاً لشركة مؤهلة، يوافق عليها مجلس الوزراء. في الحالتين هناك إيجابيات وسلبيات. فبقاء الدولة شريكة يعزز من أرباحها المستقبلية، في حال توفر النفط والغاز بكميات تجارية. إلا أنه من جهة اخرى، فان الشراكة تتطلب منها تمويل عمليات حفر الآبار في الدرجة الاولى، ومن ثم المساهمة في تطوير الحقل المكتشف”، يقول سكاف، و”إذا افترضنا أن كلفة حفر البئر الواحدة تتراوح ما بين 70 إلى 80 مليون دولار، فان على الدولة أن تتحمل بداية 20 في المئة من الكلفة، أو مبلغاً يتراوح بين 14 و16 مليون دولار. أما إذا توفرت الموارد، فسترتفع المتطلبات المادية المتصلة بالتأهيل والسحب والنقل وخلافه من الامور التقنية”.
امتلاك الدولة نسبة 20 في المئة من الكونسورتيوم النفطي، قد لا يعني تحقيقها بدلاً مادياً مرتفعاً في حال قررت التنازل عنها لطرف ثالث، خصوصاً أن عمليات الاستكشاف لم تبدأ بعد، ولا يوجد بعد على أرض الواقع أي دليل مادي ملموس على توفر النفط أو الغاز بكميات تجارية. وعليه قد تكون عملية التخلي عن هذه النسبة، ولو مجاناً لطرف ثالث أكثر ربحية للدولة. فمن جهة تسرّع بدء عمليات الحفر والاستكشاف، وتخفف عن الدولة من جهة ثانية تكاليف، هي أعجز من أن تتحملها اليوم أو حتى في المستقبل. إلا أنه، بحسب سكاف، “سواء كان الطرف الثالث القطري أو غيره، فهذا يعني أن هناك رؤية إيجابية لمستقبل صناعة النفط والغاز في لبنان. خصوصاً أن المرحلة الاولى من عمليات البحث والاستكشاف تكلف أموالاً طائلة ولا تحقق عائدات”.
في النهاية تعتبر أوساط مطلعة أن قرار الاستحواذ على 20 في المئة الذي اتخذته الدولة كان استراتيجياً، ولا ضير في الإبقاء عليه أقله إلى حين تحقيق اكتشاف إيجابي. عندها ترتفع بشكل كبير العوائد من نسبة 20 في المئة في حال قررت الدولة الابقاء عليها أو التصرف بها، إلا أن القرار في النهاية يعود إلى السياسة النفطية التي تضعها الحكومة.