أثار كلام وزير المالية يوسف خليل حول اعتماد 15 الف ليرة كسعر صرف جديد بدلاً من 1507 ليرات ابتداء من نهاية شهر تشرين الأول الجاري عاصفة قويّة في ظلّ وجود عدّة أسعار، اضافة الى السعر الرسمي، سعر الدولار في المصرف 8000 ليرة، منصّة صيرفة والسوق السوداء.
سمع اللبنانيون هذا الكلام وارتعب بعضهم كيف فجأة سيصبح السعر على ما قال وزير الماليّة! لن يكون هناك بعد اليوم سوق سوداء ومنصة صيرفة؟ ماذا عن دولار المصارف، والقروض وغيرها؟. هل هذه الخطوة مقدّمة نحو الأفضل أم تخفي خلفها شيئاً ما؟
الواضح حتى الساعة أن لا آلية واضحة لكيفيّة تطبيق نسعيرة وزير الماليّة، وهنا يرتاب المواطنون، خصوصاً ممن أخذوا قروضهم من المصارف وهي بالدولار لأنّهم سيضطرون الى ردّها على السعر الجديد، علماً بأن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خرج في بيانه الاخير ليؤكد أن أصول البنوك ستبقى على 1507 حالياً، وبالتالي لماذا على البنوك استيفاء القروض على 15 الف ليرة مثلاً بينما أصولها ورساميلها تبقى على 1507.
“الدولة قررت اعتماد سعر الـ15 الف ليرة للايرادات فقط”. هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة عبر “النشرة”، مؤكدا ايضا أن “ليس كل الايرادات بل البعض منها لان الاخر سيكون على سعر منصة صيرفة”، مشيرا الى أنه “في نهاية الشهر الحالي جميع ايرادات الدولة ستصبح على 15 الف ليرة (الدولار الجمركي)، TVA، كل الرسوم التي أساسها دولار باستثناء الاتصالات ستستوفى على منصة صيرفة”، مضيفا: “يبقى تحديد سعر الصرف بين المصرف المركزي والمصارف وبين الأخيرة والمودع، وخلال هذه المرحلة ستبقى على 1505 ليرات، وكذلك القروض المأخوذة بالدولار هذه أيضا ستفعّل في المرحلة الثانية اي عند بدء الحكومة تطبيق خطّتها وحتى الان غير محدّد وقتها”.
بدوره المحامي الدكتور المتخصص بالرقابة على المصارف باسكال ضاهر يشرح أن “القروض المسعرة بالليرة تبقى على ما هي عليه وفق قيمتها الاسميّة، أما الاشكالية فتقع بتلك المسعّرة بالدولار”، لافتا الى أنّ “محكمة التمييز في الأزمة السابقة أقرّت مبدأ أن العقد يطبق وفق مضمونه أيّ بالدولار، ولكن وخلال الأزمة التي مرّت على لبنان في ثمانينيات القرن الماضي لم تكن المصارف قد حجبت الدولار في حينه، والسبب أنه كانت تحوز نسبة سيولة مرتفعة من العملات الاجنبية بعكس ما تسوقه المصارف الآن، وهذا الأمر ينشئ اشكالية تتمحور حول مدى امكان الزام المقترض بالتسديد بعملة العقد الدولاريّة والمصارف تحجبها عنها سندا لاحكام المادة 100 من مجلة الأحكام العدليّة، والتي اوجبت مبدأ عدم التناقض، اي إنّ من يحجب الدولار او يقنّن في تسديده او يهضم منه لا يحق له فرض تسديده على الغير وايضا لأنّ فاعل المشكلة لا يمكنه الاستفادة من تناقضاتها”.
المرحلة الثانية ربطتها وزارة المال ببدء تطبيق الخطة الانقاذية للحكومة. وهنا يشير عجاقة الى أنّ “سيتم الانتقال اليها وفيها سنتحدث عن تغيير سعر الصرف اجمالا، وهذا من صلاحيات الحكومة مدعومة بنصوص تشريعية”، لافتا الى أن “تاريخ تطبيق المرحلة الاولى معروف أما المرحلة الثانية والتي تتحدث عن تغيير سعر صرف على مستوى الدولة وحتى تغيير الدولار في المصارف ورفعه الى 15 الف ليرة فمجهول”.
أمام هذا المشهد المتناقض بين الوضع في الماضي والوضع الحالي، يبرز كلام النائب ميشال الضاهر الأخير والخطير خلال اطلالة تلفزيونية له والذي أكد فيه أن القطاع الخاص سدّد 40 مليار دولار من قبله على 1500 ليرة. هنا يشدّد المحامي ضاهر على أن “هذه الفجوة سيتم تحميلها للمودع، وبالطبع لا يجوز هذا قانوناً”.
لا شيء يبشّر بالخير في موضوع تحويل سعر الصرف على 15 الف ليرة، وبين من يحلّل وينجّم بانخفاض الأسعار تارة وبين ارتفاعها طورًا يبقى الشعب اللبناني هو ضحيّة لتصرّف المسؤولين تجاهه والاستخفاف بعقولهم!.
المصدر : النشرة