بين اخذ ورد الترسيم على نار التهديدات، وعدم الاستعجال الرئاسي في انجاز الحكومة المكتملة الصلاحيات ولكن “مش كيف ما كان”، وتحت ضغط الشروط والتراجع عنها في لعبة عض اصابع الوقت وحرقه، يلعب المودعون والمصارف لعبة “الشرطي والحرامي” لملء فراغ غير متضح الاهداف والمعالم، تدخل على خطه في كل جولة عناصر جديدة تزيد الى المشهد تعقيدات، تجعل من “ابواب الفرج” على انواعها مسدودة الافق واقرب منها الى “الفلج”.
فبعد “العطلجي” والضابط، جاء دور النائب في اقتحام المصارف، وبعد “فرقة الموبيلاتات” التي اعتادت “بل ايدها” بمصرف لبنان جاء دور الوزير، فيما المشترك بين المشهدين امن جائع في مواجهة شعب “غاشي وماشي” نائم “اذا ما اكل لحمة بياكل برغل واذا ما في كهربا بضوي شمعة” ببساطة، في سلسلة مشاهد عجائبية يشهدها لبنان، حبلها على ما يبدو عالجرار.
فاجراءات مجلس الامن المركزي،”بلّ” المودعون “ميّتها ” وشربوه، اذ انها لم تردع ولم توقف الراسمين للمخططات عند حدودها، حيث كثيرة هي السيناريوهات التي يحكى وينظر لها،والتي تتغير وفقا لاهداف كل منها، بين من يربطها بالخطة التي وضعت لاعادة هيكلة المصارف “عالحامي”، ومن يعتبرها بوابة للانفجار الامني المتوقع، لرفع حظوظ مرشح وشطب آخر من لائحة المسترئسين، وبينهما تتقاطع كلها عند ضرورة اقفال المصارف ابوابها، لكن بعد وقوع محظور الدم هذه المرة، بعدما كشف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في جلسة خاصة جمعته بكوادر من التيار الوطني الحر عن وقوف “زعران اجهزة مخابرات” خلف عمليات الاقتحام التي تشهدها المصارف،أملاً في تأمين الظروف المناسبة للفلتان الامني.
واذا كانت نائبة “التغيير” محظوظة، فوجدت من يناصرها ويدعمها على الارض من زملائها، بعد “تدهور” حالتها الصحية، فان الوزير شرف الدين “المهجر” من الحكومة العتيدة لم يكن كذلك، قد يكون بسبب اعتقاد الكثيرين ان مشاركته تأتي من باب الكيدية ونتيجة خلافاته مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فعند “تغيير الحكومات حفاظ راسك”، في عودة لنظريات “إجر في الحكومة وإجر بالمعارضة”، قرأ فيها البعض “هزة عصا” من قبل “مير خلدة” الخائف من اخراجه من جنة الحكومة بعدما اخرج من جنة النيابة.
في كل الاحوال لعل ابرز ما بدا لافتا بالامس خلال عمليات النقل المباشر من امام مصرف لبنان، الحملة المركزة على دور رجال الدين في حماية المصارف، اذ الواضح ان المستهدف الاول البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي دون تسميته بالمباشر.
ازاء هذا الواقع تكشف مصادر متابعة، ان ثمة اتصالات على ارفع المستويات، وضغوطا كبيرة تمارس لمنع جمعية المصارف ونقابة مستخدميها من اتخاذ اي قرار تصعيدي بالاضراب ايا كانت مدته، ذلك ان خطوة مماثلة ستعقد الامور وتساهم في فلتان الاوضاع بشكل قد تعجز معه القوى الامنية من ضبط اي اعمال تخريب واعتداء، خصوصا اذا صحت المعلومات عن وجود جهات تنتظر ساعة الصفر والفرصة السانحة لاستغلال اي ثغرة والنفاذ منها لتحقيق اجنداتها.
وتابعت المصادر بان الاضراب القسري الذي اقر قبل اسبوع لم يؤد الى اي نتيجة، فلا الاقفال ولا الامن الذي اعتمدته بعض المصارف، ولا كذلك الخطة الامنية كفيلة بحل هذا الملف، اذ ان المطلوب معالجة مالية جدية وواضحة بدعم خارجي لاقفال هذا الجرح، والا فان الامور ذاهبة الى مزيد من الانهيار والى دم في الشارع بالتاكيد .
اوساط مصرفية اشارت الى ان ما يحصل من خروقات حتى الساعة لا يزال تحت السيطرة، فطالما أن ادارات الفروع وموظفوها قادرون على حل المشاكل الطارئة من دون أن يكون هناك تهديد مباشر على أمنهم وسلامتهم، فان اي قرار بالتوقف عن العمل لن يتخذ، وان الامور تتجه الى اجراءات موضعية فيما خص الاقفال وفقا لحالة كل فرع في حال دعت الحاجة.
مسلسل المصارف الطويل مستمر، وكذلك مسرحية المودع في مواجهة الموظف، فيما صاحب الشأن الاول والاخير “واقف عم يتفرج مبسوط ” بتراجع الدين العام دون ان يسأل من اين وكيف وعلى حساب من ….. “يصبّ الزيت على النار” عبر خطة للتعافي الاقتصادي طيّرت 60 مليار دولار من الودائع لتضيع في جيوب من يضعون البلد ببشره وحجره في مواجهة قدره، سياسياً وأمنياً واقتصادياً… حتى لو نام على حرير “الترسيم البحري مع إسرائيل”.
المصدر : الديار