لا يزال اعلان وزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف الخليل رفع سعر الصرف الى 15 ألف ليرة مقابل كل دولار أميركي بالإتفاق بين وزارة المال والمصرف المركزي إبتداء من الأول من تشرين الثاني 2022، يلقى ردود فعل صاخبة، خصوصا أنه تم تبرير الإجراء بالاستناد الى اعتماد موازنة 2022 سعر 15 ألف ليرة للدولار الواحد، وتماشيا مع تصحيح تداعيات التدهور الحاد في سعر الصرف على المالية العامة وذلك تقليصا للعجز وتأمينا للإستقرار المالي، إضافة إلى أن خطة التعافي المالي والنقدي والنهوض بالإقتصاد تتطلب توحيد سعر الصرف.
الخبير في الشؤون المالية والضريبية جمال القعقور يعتبر أن بيان وزير المال “يتضمن مخالفات قانونية واضحة، أولاها في ما يتعلق بربط القرار بالسعر الذي اعتُمد في قانون موازنة العام 2022 أي 15,000 ل ل، علما بأن هذا السعر لم يحدد بشكل ثابت على جميع بنود إيرادات الخزينة، بل اعتمد بشكل محدد على سعر الدولار الجمركي. أيضا وخلافا للقوانين السابقة المعتمدة حول آلية تحديد سعر الصرف، حدد قانون موازنة العام 2022 وبشكل إستثنائي آليّة تحديد سعر الصرف من خلال المادة 136 التي نصّت على الآتي: “يمكن لمجلس الوزراء إصدار مرسوم بناء على اقتراح وزير المال لتحديد كيفية استيفاء الرسوم والضرائب بالعملة ال لبنانية عن قِيم بالعملة الأجنبية”.
يشرح القعقور أن هذه المادة “وُضعت للسماح لمجلس الوزراء بحرية اتخاذ المراسيم المتعلقة بسعر الصرف من دون الرجوع إلى مجلس النواب لإصدار قوانين حول الموضوع بسبب الظروف الإستثنائية التي يمر بها لبنان، وتاليا فإن تعديل سعر الصرف الرسمي أو غيره لاستيفاء الرسوم هو من صلاحية مجلس الوزراء وليس من صلاحية وزير المال، والتعديل يصدر عبر مرسوم وليس عبر بيان من وزير عليه رفع اقتراح الى مجلس الوزراء حول ذلك. فالمقصود من المادة 136 من قانون موازنة العام 2022 لجهة الفترة التي يمكن خلالها إصدار مراسيم تعديل سعر الصرف (الرسمي أو غيره) هي الفترات اللاحقة لإقرار الموازنة، وبحسب تطور سعر الصرف الفعلي، وليس المقصود منها إصدار التعديل بعد يومين من إقرار الموازنة، وغير ذلك كان من الممكن بالأساس تضمين الموازنة تعديل سعر الصرف الرسمي”.
وإذ لفت القعقور إلى “الأثر السلبي لتعديل سعر الصرف الرسمي في هذا الوقت بالتحديد، على أرقام الإيرادات المحددة في قانون موازنة 2022 التي ستتغير كثيرا”، سأل: “ما نفع هذه الموازنة التي وُلدت بالأساس معاقة ومشوّهة وتحمل تقديرات غير صحيحة للإيرادات؟”.
وحول الأثر النقدي والإجتماعي والمعيشي لتعديل سعر الصرف الرسمي من 1507 ليرات إلى 15 ألف ليرة، أكد القعقور أن السعر الجديد “سيؤثر سلبا على المواطن الذي لم يستوعب بعد صدمات الضرائب والرسوم التي وردت ضمن الموازنة، فهذا السعر سيرفع الضريبة المضافة على أصحاب المهن وعلى التعاملات بين الشركات، كما سيؤثر سلبا على الكثير من المعاملات التجارية والعقارية والمصرفية المرتبطة بسعر الصرف الرسمي، مثل رسوم العقارات وتسديد قروض الدولار لدى المصارف بالليرة اللبنانية، وغيرها من الرسوم والضرائب المرتبطة بسعر الصرف الرسمي. وبما أن تعديل سعر الصرف مباشرة بعد إقرار الموازنة يشكل ايرادات كبيرة للخزينة، فإن طريقة الإخراج هذه، أي طرحه من خارج الموازنة، يضع علامات استفهام كبيرة حول تواطؤ مجلس النواب الذي أقر الموازنة مع حكومة تصريف الأعمال، كي يتجنبا الرفض القاطع في حال الإقرار ضمن الموازنة”.
واذ استند القعقور الى الدراسة القانونية للأستاذ الجامعي وسام اللحام حول موضوع تحديد سعر الصرف، والتي خلصت الى عدم صلاحية مصرف لبنان من تلقاء نفسه تحديد سعر الصرف الرسمي لليرة اللبنانية، هذا فضلاً عن اعتماده أكثر من سعر صرف من دون وجود أي معيار موضوعي أو نص قانوني يجيز له ذلك، ختم بمطالبة الحكومة “بإبطال هذا الإعلان وما سيترتب عليه من إجراءات، وتصحيح الخلل في الموضوع بحيث يصدر قرار زيادة سعر الصرف الرسمي إلى 15,000 ل ل للدولار الواحد عبر مرسوم يصدر عنها، ومن خلاله يتم تصحيح الشوائب المتعلقة بهذا التعديل ضمن مبدأ العدالة التي ينص عليها الدستور، وخصوصا في ما يتعلق بسحب وقبض الإيداعات في المصارف على سعر 15 ألف ليرة أيضا. وعلى الحكومة والمجلس النيابي التوقف عن الكيل بمكيالين كما حصل أخيرا في الموازنة حيث شهيتهم مفتوحة على القبض بسعر 15 ألف ليرة وسعر السوق لرسوم أخرى بينما الدفع، وخصوصا للرواتب والأجور، على سعر 4,500 ليرة للدولار الواحد”.