بعد نحو 30 عاماً طُويت صفحة الـ1507 كسعر رسمي للدولار مقابل الليرة. وابتداء من شهر تشرين الثاني المقبل ستعتمد الدولة اللبنانية سعر صرف رسمي جديد للدولار قيمته 15000 ليرة.
ما إن أعلن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل القرار رسمياً حتى انطلقت موجة من التساؤلات الناجمة عن قلق المواطنين حول ماهية سعر الصرف الجديد، وآلية تعاملاتهم وسداد قروضهم وفواتيرهم وغير ذلك.
في حقيقة الأمر ان السعر الرسمي الجديد للدولار 15000 ليرة جرى تمريره بشكل غير مباشر في موازنة العام 2022، التي تم إقرارها منذ أيام. فالموازنة لم تحصر التعامل بالسعر الجديد بالدولار الجمركي فقط إنما باحتساب كافة إيراداتها من رسوم وضرائب وغير ذلك. باستثناء إيرادات وزارة الاتصالات التي تصر السلطة حتى اللحظة على استيفائها بسعر صرف دولار منصة صيرفة.
بعيداً عن “خُبث” السلطة في تمرير الضربات الموجعة للمواطنين، لا بد من توضيح بعض الأمور التي ترتبط مباشرة بتغيير سعر الصرف الرسمي، وتنعكس مباشرة وغير مباشرة على المواطنين من كافة الفئات المعيشية.
ضرائب ورسوم
القرار الصادر عن وزارة المالية ليل أمس والذي يحدّد سعراً رسمياً جديداً لصرف الدولار مقابل الليرة بـ15000 ليرة بدلاً من 1507 ليرات، هو قرار مالي يتعلق بواردات الدولة والضرائب والرسوم المتوجبة بالعملة الاجنبية. لا يسري القرار على النفقات لاسيما على رواتب وأجور القطاع العام. وبالتالي، لن يتم احتساب الرواتب على سعر الصرف الرسمي الجديد 15000 ليرة.
القرار صدر عن وزارة المال وليس عن مصرف لبنان ما يعني أنه إجراء مالي وليس نقدي، وبالتالي كل ما يمكن تحصيله من إيرادات لصالح الخزينة العامة سيتم بالدولار الجديد، أي 15000 ليرة بدلاً من 1507 ليرات، ويوضح الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمّود، أن كل ما يحرر من فواتير وعقود بالدولار الأميركي، كما الرسوم والضرائب سيتم تقويمها بدولار الـ15000 ليرة، بدءاً من الدولار الجمركي والدولار العقاري ودولار الضريبة على القيمة المضافة وغيرها.
وهذا يعني أن الضريبة على القيمة المضافة TVA والرسوم العقارية والقيمة التخمينية للعقارات وضريبة الأملاك المبنية وغير ذلك، سيتم تحصيلها على سعر الصرف الرسمي الجديد أي 15000 ليرة بدلاً من 1500 ليرة، أي أنها ستتضاعف 10 مرات. بمعنى آخر كل ما يتم تحصيله لصالح الدولة وفق سعر صرف الدولار سيتغير إلى السعر الرسمي الجديد.
ويذكّر حمّود بأنه لم يعد من وجود لدولار الـ1500 ليرة سوى بما يخص القضايا الاجتماعية التي على مصرف لبنان أن يقرر فيها لاحقاً.
وإن كان الخبير الاقتصادي وليد ابو سليمان يلتقي مع حمّود في ربط سعر الصرف الرسمي الجديد بكافة الرسوم والضرائب والميزانيات والعقود المقومة بالدولار، يسأل ما مصير المصارف بظل ميزانيات ومطلوبات كبيرة جداً؟ وكيف ستتعامل مع سعر الصرف الرسمي الجديد؟
القروض الإسكانية والمصرفية
قرار مصرف لبنان أورد في متنه عبارة “تعمل السلطات المالية والنقدية على احتواء أي تداعيات على الأوضاع الإجتماعية للمواطن اللبناني على سبيل المثال القروض السكنية، وكذلك على مساعدة القطاع الخاص على الانتقال المنظّم الى سعر الصرف الجديد المعتمد”. هذه الصيغة تعني أن وزارة المال أعطت لمصرف لبنان حق الاستنساب في إيجاد حل للقروض الحالية المعتمدة على سعر الصرف الرسمي القديم 1507 ليرات. ويرى حمود أن بهذه الصيغة بات يحق لمصرف لبنان تحديد سعر الصرف الذي سيتم اعتماده بسداد القروض، السكنية وغير السكنية.
وفي حال عزم مصرف لبنان على اعتماد سعر الصرف الرسمي الجديد 15000 ليرة للدولار بدلاً من 1507 ليرات، فذلك يحتّم عليه البدء بتعديل العديد من التعاميم، أولها التعميم 151 الذي يحدد سعر صرف السحوبات الدولارية عند 8000 ليرة، والتعميم 158 الذي يعتمد سعر صرف 12000 ليرة للسحوبات الدولارية من الودائع.
أما القروض فعلى مصرف لبنان إيجاد الصيغة المحددة لتعاملها مع سعر الصرف الرسمي. وبحسب الخبير المالي تميم موسى، على مصرف لبنان إيجاد الحلول لسداد القروض السكنية والتجزئة وغيرها. أما المعاملات كافة التي يتم تسييرها وفق سعر الصرف الرسمي للدولار الـ1507 ليرات ستصبح وفق 15000 ليرة.
مع استثناء قروض الإسكان المسحوبة على المؤسسة العامة للإسكان. فتلك تم إبرام عقودها بالليرة اللبنانية وليس بالدولار، وعليه فإنها لن تتاثر بتغيير سعر الصرف الرسمي للدولار. علماً أن هذه القروض تختلف بطبيعة عقودها عن قروض الإسكان المسحوبة على المصارف مباشرة وليس عبر المؤسسة العامة للإسكان.
وإذ يوضح موسى بأن كل الرسوم والضرائب التي لا يتم تحديدها بشكل مقطوع ستتأثر بسعر الدولار الجديد خصوصاً الـTVA، التي ستتأثر من وجهتين الأولى بالدولار الجمركي والثانية بسعر الصرف الرسمي الجديد، يؤكد أن سعر الصرف الجديد سينعكس في نهاية المطاف على كافة المواطنين، باعتبار أن التجار وأصحاب المؤسسات واصحاب الرساميل لا يسددون ضرائب ورسوم من جيوبهم إنما يحمّلونها للمستهلك النهائي.
المصدر: المدن – عزة الحاج حسن