مع بدء العد العكسي لإنتهاء ولاية رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون والتأخّر في تشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، يساور اللبنانيون القلق حول مستقبل الأزمة التي لم تستطع حكومتا الرئيسين حسان دياب ونجيب ميقاتي وضع معالجتها على سكة التنفيذ. وأكثر ما يقلق اللبنانيون مصير العملة الوطنية التي سجّلت في ظل الفشل الحكومي هبوطاً مدوياً أطاح بقدراتهم الشرائية وهوى بهم إلى الفقر.
فأي مصير ينتظر الليرة بعد شهر تشرين أول المقبل؟ هل ستسجّل المزيد من الإنهيار في سعر صرفها مع عدم توافر الأجواء السياسية المؤاتية، أم ستسلك مسار تصحيحي مدعوم بالعديد من الإيجابيات وفي طليعتها ترسيم الحدود البحرية؟
يشوعي: مصير الليرة يرتبط
مباشرة بتوفّر الدولار في لبنان
في هذا الإطار، كشف الخبير المالي والإقتصادي د. إيلي يشوعي في حديثٍ لموقع Leb Economy عن أنّ “مصير سعر صرف الليرة يرتبط بتوفّر الدولارات داخل لبنان، وذلك بغض النظر عن مصير الإستحقاق الرئاسي وإنجاز إقرار الموازنة “.
ولفت إلى أنّ “سعر صرف الليرة مرتبط بما لدينا من إحتياطات من العملات الصعبة. أي أن إستقرار العملات المحليّة في قتصاد حر منفتح على العالم الخارجي الذي نتبادل معه سلع وخدمات، يرتبط بتوافر إحتياطات جيّدة من العملات الأجنبية الصعبة”.
وأشار يشوعي إلى أنه “في لبنان فُقِدت إحتياطات العملات الصعبة بغالبيتها بسبب الإنهيار المالي وبسبب فقدان أو إختفاء الأموال إن كان من البنك المركزي أو الديون أو حتى من الخزينة، إذ أن الدولة اللبنانية أعلنت إفلاسها وعم قدرتها على تسديد ديونها وإستحقاقاتها”.
ولفت إلى أن “مصير سعر الصرف يرتبط أكثر بمصير الدولارات المفقودة وتوافرها من جديد ومعالجة الأسباب التي تسبّب فقدان هذه الدولارات”.
وأوضح يشوعي أن “إقرار الموازنة لم يشكّل عامل إيجابي مؤثر على سعر صرف الدولار مقابل الليرة، فحتى الساعة سعر الصرف لا يزال محافظاً على مستوياته المرتفعة ولم يشهد أي إنخفاض وذلك لسبب بسيط هو أن إقرار الموازنة لا يجلُب الدولارات إلى لبنان”.
وكشف عن أنه “في حال حصول ترسيم للحدود، سيكون هناك عامل نفسي يساهم في إنخفاض سعر صرف الدولار “.
خوري: لعبة البدائل إنتهت وأمامنا خيار واحد هو “الترسيم”
بدوره، إعتبر الخبير الإقتصادي د. بيار خوري أنّه “حالياً هناك عدم وضوح في الرؤية حول مستقبل سعر الصرف في الفترة المقبلة، فهناك عدد عناصر مؤثّرة ستؤدي إما لتحسّن واسع في سعر الصرف أو لإستمرار مسيرة إنهياره”.
ولفت إلى أنه “لإقرار الموازنة وجهان، وجه يؤدي إلى زيادة الإنفاق بسبب زيادة العجز ووجه ثاني يتمثّل بالإنتظام المالي الذي يساعد على وجود حوكمة أفضل للقطاع العام في ظل هذه الأزمة، وبالتالي هناك وجه يؤدي إلى إنهيار أكبر لليرة ووجه يؤدي إلى تحسّن سعر صرفها”.
وأشار إلى أنّ “هناك أيضاً موضوع الترسيم حيث يمكن أن يؤدي أيضاً إلى تحسّن كبير في سعر الصرف، إضافة إلى تشكيل الحكومة التي قد تلعب دوراً إيجابياً في هذا الموضوع”.
وإعتبر أنّه ”في النهاية، الأمور كلها تتمركز في إتجاه واحد بغض النظر عن إقرار الموازنة وتشكيل الحكومة وإنتخاب رئيس للجمهورية، وهذا الإتجاه هو ترسيم الحدود البحرية “.
ورأى أنّ “كل الإستحقاقات من إنتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة وإقرار الموازنة هي مجرّد لحظة وتنتهي، وتبقى كل الأمور معلّقة بموضوع الترسيم وتوقّعات التدفقات المالية في ملف النفط والغاز”.
وشدد على أنّ “الأمور أصبحت محصورة في هذا الملف، إذ أن لعبة البدائل في لبنان قد إنتهت وهناك خيار واحد أمامنا، إما نذهب إلى الترسيم وإما لا”.
المصدر : leb economy