ثلاثة أسئلة واقعيّة يتداولها اللبنانيون بكلّ طبقاتهم وميولهم، وأجوبتها السعودية واضحة وضوح الشمس لا لَبس فيها ولا زَغَل على الرغم من افتراضيّتها بخاصة بعد البيان الأميركي السعودي الفرنسي المشترك، إثر اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاثة على هامش اجتماع الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة في نيويورك:
س.1: هل لدى المملكة العربية السعودية مرشّح معيّن لرئاسة الجمهورية؟
ج.1: ليس هناك مرشّح للمملكة العربية السعودية في الانتخابات الرئاسية، فالمملكة تنظر لهذا الاستحقاق على أنّه استحقاق لبنانيّ يعني اللبنانيّين وحدهم. وهي لن تدعم أيّ مرشّح أو مجموعة من المرشّحين.
س.2: هل المملكة مستعدّة لإجراء تسوية حول هويّة رئيس الجمهورية المقبل؟
ج.2: ترفض المملكة العربية السعودية الدخول في لعبة الأسماء والترشيحات على الرغم من محاولة البعض استدراجها إلى ذلك. تنظر إلى أنّ التورّط في بورصة الأسماء تدخُّل بالشؤون اللبنانية الداخلية، وفخّ يحاول البعض أن ينصبه للمملكة. ويمكن لدعمها أيّ اسم أن يستتبع أعباء والتزامات من شأنها أن تتحوّل إلى مغامرات غير محسوبة وغير مجدية وسط غياب الضمانات السياسية لبنانياً وخارجياً لوقف هيمنة حزب الله ومن خلفه إيران على القرار اللبناني.
س.3: هل المملكة تضع لبنان في سُلّم أولويّاتها؟
ج.3: إنّ مكانة لبنان عند المملكة العربية السعودية قيادةً وشعباً لا يمكن لأحد التشكيك فيها. كانت المملكة وما زالت حريصة على وحدة لبنان واستقلاله وطمأنينة ورفاهية الشعب اللبناني في كلّ المراحل والتحدّيات، منذ الاستقلال مروراً بالحرب الأهليّة، وصولاً إلى اتفاق الطائف وانتهاءً بالصندوق السعودي-الفرنسي لمساعدة لبنان، والاستعداد لإطلاق صندوق سعودي-أميركي مماثل للقوات المسلحة حين تكتمل الإجراءات الروتينية داخل الإدارة الأميركية لإنشاء هذا الصندوق. الذي سيعمل من خلال الأمم المتحدة.
لا يعني انكفاء المملكة العربية السعودية عن الدخول في لعبة الأسماء والترشيحات لانتخابات رئاسة الجمهورية، وهو ما يسعى الكثيرون إلى استدراجها إليه، انكفاءً سعودياً عن لبنان وهمومه وقضاياه، بل هو سعي سعوديّ حكيم إلى تجنّب الفِخاخ والتسويات الفارغة على قاعدة “مَن جرّب المجرّب كان عقله مخرّب”.
إنّ المملكة العربية السعودية وإن غابت عن الأسماء المرشّحة فإنّ الجميع يعلم المواصفات المطلوبة في الرئيس الجديد للجمهورية كي يكون قادراً على فتح قنوات اتصال وبناء جسور ليس مع المملكة وحسب، بل مع العالمين العربي والغربي.
هذه المواصفات يمكن اختصارها بثلاثة أمور:
- شخصية توافقية لا تستفزّ أحداً، ولا تعتدي على أحد، ولا تنتمي إلى أيّ محور. شخصية تمثّل الاعتدال التوافقي.
- شخصية نظيفة الكفّ لم تتورّط بالفساد، ولا تدور حولها أيّ شبهة فساد في الداخل والخارج.
- شخصية تؤمن باتّفاق الطائف بما هو دستور لبنان، وأنّ استكمال تطبيقه التزام دستوريّ من خطاب القسم حتى خطاب الوداع بعد ستّ سنوات.
لا تقترح أو تتمنّى المملكة على اللبنانيين أكثر ممّا التزمت هي نفسها مع شعبها. يُختصر كلّ ذلك في شعار اليوم الوطني الـ92 للمملكة: “هي لنا دار”. يقوم هذا الشعار على ثلاث ثوابت:
- الهويّة.
- الانتماء.
- الطموح.
لبنان عبر الاستحقاق الرئاسي، ومن بعده الاستحقاق الحكومي، مطالَب بتأكيد هويّته العربية وحرصه على العلاقات مع العمق العربي الثقافي والاقتصادي والاجتماعي، وترسيخ الانتماء إلى الوطن ومصالحه بعيداً عن التبعيّة للمحاور والأجندات الخارجية. وأمّا الطموح فلم يغب عن اللبنانيين ماضياً وحاضراً، ولن يغيب مستقبلاً. هذا ما أكّده مغاوير منتخب لبنان لكرة السلّة بقيادة ابن بيروت وائل عرقجي، ورسّخته فرقة “ميّاس” بموهبتها في بلاد العمّ سام، وما يفعله كلّ اللبنانيين عند كلّ مناسبة، كلّ في موقعه ومركز عمله بالداخل والخارج.
إنّ قيادة المملكة العربية السعودية وحدها القادرة في ظل الإنهيار الدولي على حلّ مشاكل لبنان الاقتصادية والماليّة، وهي ترتشف قهوة الصباح. فيما المنظومة الفاسدة سياسياً قبل أي فسلد آخر عاجزة عن فعل شيء حتى وإن التهمت إنتاج البرازيل من نبتة “البن”.
المملكة إلى جانب لبنان إن قرّر اللبنانيون الوقوف إلى جانب وطنهم، والامتحان الأوّل هو الاستحقاق الرئاسي.