بعد أن تَركت الإستحقاقات الدستورية للإجتهادات والإستنتاجات والتحليل منها ما يُصيب ومنها من” يشطح” بمخيلته، إستمرّ الحراك السياسي الصامت بين أركان اللعبة السياسية الداخلية بين تقديم الحلول أو العرقلة حيث تقتضي المصلحة.
إلّا أن ما تمّ تسجيله في الساعات الأخيرة على صعيد هذا الحراك إستوقف عدد من المراقبين لا سيما موقف رئيس الحكومة المكلّف الذي أكّد أنّ تعبير “الشغور الرئاسي” أكثر دقة من الفراغ الرئاسي، وأنّ حكومة تصريف الأعمال تستطيع أن تملأ هذا الفراغ وفق الدستور.
إذا حسم الرئيس ميقاتي الجدل، ولمّح إلى أنّ تشكيل حكومة جديدة أصبحت خلف ظهرنا، كما ترى الأوساط المراقبة، ووفق هذه الرؤية بدات الحملة الواسعة لتوحيد الصفوف للفريق المعرض للعهد وتياره، حيث إستوقفت محطّات سياسية كثيرة المراقبين:
– لقاء الرئيس ميقاتي مع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي الذي وشى مقرّبون من أنّ هذا اللقاء هو في إطار التحضير للإنتقام المدوي من رئيس التيّار الوطنيّ الحرّ مع خروح “السند” الأساسي له من قصر بعبدا.
– هجوم رئيس مجلس النواب نبيه بري المتكرر على العهد والتيار بسناد ناري من الحلقة المحيطة التي بدأت يإثارة الغبار حول الاستحقاقات ومهاجمة العهد والتيار مباشرة.
– الخطاب العدائي والعالي السقف الذي أطلقه رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع في قداس شهداء “القوّات” وما سبقه من مواقف ممثالة في أكثر من مناسبة.
ويخلص المراقبون إلى أنّ “هذه المواقف تُشير بما لا يقبل الشك إلى تشكيل جبهة واسعة ضدّ العهد أبطالها الترويكا ميقاتي – برّي- جنبلاط، وبمؤازرة جعجع وإن كان من خارج الجبهة التي تشكلت إلّا أنّ موقفه العدائي للعهد يتقاطع من حيث المصالح مع الترويكا الجديدة”.
ولا يشكل ردّ جنبلاط عند سؤاله عن رأيه بكلام جعجع “لم أسمعه” أنّ التقاطع في المواقف غير منسقة بقدر ما يشكّل رسالة إلى أنّ “العلاقات بين القوات اللبنانية والإشتراكي
هذه الاصطفافات الجديدة استحضرتها، كما يرى المراقبون، المخاوف من سيناريو الـ1989، لا سيما في ظل تهديدات عونية من ما سيجري بعد 31 تشرين الأول تاريخ مغادرة الرئيس ميشال عون لقصر بعبدا”.
ولا يستبعد المراقبون أن “تنظم شخصيات مسيحية مستقلة إلى هذه الجبهة ما دامت تخدم إلى حد ما مصالحها وتتشارك معها في الهدف وهو التخلص من “التيّار” وأبعاده عن المشاركة الفعلية في السلة التنفيذية في المرحلة المقبلة”.
لكن هذه الجبهة لا تقلق التيّار الوطنيّ الحرّ وحده بل باتت تُقلق حزب الله تحديداً والذي أبدى إمتعاضه من خطاب حليفه الشعي وأحد أجنحة الثنائي أي نبيه برّي، وأبلغ هذا الإمتعاض كما يؤكد المراقبون عبر قنوات داخلية، إلّا أنّ الأخير أدار” الأذن الطرشاء” على إعتبار أنّ حزب الله لن يفرط بالعلاقة معه من أجل استمرار التحالف مع التيّار الوطنيّ الذي لن يكون له التأثسر الفاعل في حال انتهىت الأمور إلى الشغور الرئاسي وبات التيّار مُكبل اليدين في فرض رأيه بكافة الملفات.
ولكن المراقبون يستدركون أنّ “الوقت قد يلعب لصالح حزب الله إذا وفق مجريات الإتفاق النووي، لذلك يُبقي الأخير على رباطة جأشه قبل أن يقلب الطاولة على الحلفاء قبل الخصوم”.