من النادر أن يصرّح السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري امام الاعلام. لكن امس، تحدث للصحافيين عقب لقائه وزير الداخلية بسام مولوي وكانت له سلسلة مواقف لافتة وصريحة، أتت مثقلة بالرسائل ومعبّرة جدا في ما خص العلاقات اللبنانية – السعودية لناحية سبل ترميمها، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.
فقد اعلن “لا يسعني الا ان اتقدم بجزيل الشكر لوزير الداخلية لما يظهره من جهود انعكست ايجابا على تعزيز العلاقات خصوصا في المجال الامني، والجهود الدبلوماسية المبذولة هدفها تأمين شبكة امان دولية لمواجهة التهديدات”. وتابع “نهيب بالأجهزة الأمنية اللبنانية المختصة استكمال الإجراءات القانونية والأمنية اللازمة حيال ما نشره المدعو علي هاشم من تهديدات إرهابية وتوقيفه وتسليمه للسلطات الأمنية في السعودية كونه مطلوباً أمنيًّا لديها”. في الموازاة، اشار الى “خطورة وتداعيات السياسات العدائية والتحريضية التي تنطلق من لبنان تجاه دول مجلس التعاون الخليج العربي والتي تتنافى كلياً مع القيم والمبادئ الأخلاقية والقوانين والأعراف الدولية”. واضاف: نتوجه للحكومة اللبنانية بتطبيق الالتزامات السياسية والقيام بكل واجباتها لمنع ووقف الانشطة السياسية ضد المملكة ودول الخليج والتي تهدد منظومة الأمن القومي العربي. وأردف البخاري: 700 مليون حبة مخدر ومئات الكيلوغرامات من الحشيش المخدر مرت عبر لبنان باتجاه المملكة خلال الـ 8 سنوات الماضية، ونحن نثمن الجهود المبذولة من الجيش اللبناني والاجهزة الامنية المختصة.
وفق المصادر، هي من المرات القليلة اذا التي يتحدّث فيها الدبلوماسي السعودي عن قضية تصدير الممنوعات من لبنان الى المملكة وعن التصاريح التي تصدر ضد المملكة وقياداتها من داخل لبنان، علما ان هاتين النقطتين لعبتا الدور الأبرز في انهيار العلاقات بين الدولتين وفي قراراتٍ كبيرة اتخذتها الرياض ضد بيروت دبلوماسيا واقتصاديا في الأشهر الماضية. عليه، فإن ما يجب ان يفهمه لبنان الرسمي من خطوة البخاري، شكلا ومضمونا، هو ان المملكة لا تزال على المقاربة نفسها لكيفية اعادة مد الجسور بينها وبيروت، وأن شيئا لم يتغيّر بعد في “الجوهر”، رغم عودة السفير السعودي وسفراء دول مجلس التعاون الى لبنان، اثر قطيعة استمرت اشهرا.
فالرياض، كي تطبّع علاقاتها فعلا لا شكلا فقط، مع لبنان – الدولة، تريد من السلطات اللبنانية ان تواجه الدويلة وان تتصدى بكل ما أوتيت من قوة، لتوجّهاتها الخطيرة تجاه المملكة، أكان عبر تخوينها واتهامها بالتواطؤ مع اسرائيل وبقتل اليمنيين، أو من خلال إرسال المقاتلين الى الميادين العربية عموما والى جوار السعودية خصوصا، لتدريب الحوثيين على ارسال المسيّرات الى سماء المملكة وتعكير أمنها. وقبل ان تتخذ الدولة اللبنانية هذه الاجراءات والمواقف، تتابع المصادر، لن تعود السعودية الى دعمها اومساندتها والاستثمار فيها وارسال سياحها اليها، كما كانت تفعل في السابق، وستكتفي بمساعدات انسانية الى الشعب اللبناني. من هنا أهمية انتخاب رئيس ينتهج هذا الخط، اذ سيفتح صفحةً جديدة في العلاقات اللبنانية – الخليجية، تختم المصادر.