دائمًا ما تنعكس الأحداث العراقية على الواقع اللبناني، نظرًا لتشابه التركيبة السياسية في البلدين، ولعل أبرز أوجه الشبه تكمن في الوجود المحوري للشيعة بين بيروت وبغداد، إلا أن “صراع المرجعيات” بات يشكّل خطرًا قوميًا يدفعنا الى الفصل بين شيعة العرب بمرجعية النجف، وشيعة التبعية الايرانية بمرجعية علي خامنئي.
ومع اقتراب رياح “تشرين” التي عصفت بالساحتين عام ٢٠١٩، لا يبدو أن خريف ٢٠٢٢ سيقل سخونة عن ما سبقه قبل ٣ سنوات. فما بدأ في العراق اليوم عقب اعتزال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للعمل السياسي، من توترات على الأرض أودت بحياة العشرات، وسجّلت مشهدية لشيعة يُسقطون صور قاسم سليماني، قد لا ينته في العراق، فهل تنعكس هذه الصورة على الساحة اللبنانية؟
في قراءة للميدان العراقي ربطًا بما تنتظره بيروت، يرى الكاتب السياسي مصطفى فحص أن “الإقتتال الداخلي اللبناني لا يزال مستبعدا، إلا أن ما يحصل في العراق سيغيّر معادلات استقرار المنطقة، اذ انه قد ينعي فرص الاستقرار نهائيا، وسيكون لبنان أول المتأثرين بذلك”.
وعن طبيعة تأثر لبنان بذلك، يعتبر فحص أن “الأزمة الإقتصادية والتخوف الأمني ومشهد الحدود كلها عوامل تعزّز من احتمال الفوضى الأهلية”.
أما في ما يخص المواجهة الشيعية – الشيعية في العراق، فيقول: “هناك هوية وطنية شيعية عراقية تعترض على التدخل الايراني في شؤونها الخاصة”.
هل تقترب هذه المواجهة من لبنان؟ يجيب فحص بأنه “لم يتبلور حتى الآن موقف شيعي جماهيري بوجه إيران، لذلك المقاربة الشيعية العراقية تختلف عن نظيرتها اللبنانية، فأزمة الإسلام السياسي الشيعي اللبناني هي مع كل المكونات اللبنانية، أما شيعيًا، هناك أزمة داخلية ولكن لم تصل بعد الى المستوى العراقي، لذا فالمشروع الإيراني قد تواجهه فوضى أهلية، وليس حربًا أهلية”.
ويؤكد أن “نسبة الشيعة المعارضين للحالة الإيرانية في لبنان وازنة، لكنهم لم يقوموا بإطلاق مشروع شيعي، بل مشروع وطني تبلور في ثورة ١٧ تشرين، وعلى عكس شيعة العراق الذين يشكلون أغلبية، في لبنان لا يوجد أغلبيات، وبالتالي لن يتحرك الجسم الشيعي المعارض للثنائي الشيعي على الطريقة العراقية”.
ويتوقّع فحص أن “يكون المشهد العراقي مفتوحًا على جميع الإحتمالات، مع صعوبة احتوائه”، مرجحا أن “يتجه موقف الثنائي الشيعي إما نحو الصمت لما يجري في بغداد، أو نحو الإنحياز الى الطرف الذين يرتبطون معه في الإقليم”.