الأرقام المتداولة عن واقع النزوح السوري في لبنان تجاوزت كل التوقعات، سواء بالنسبة للكلفة الإجمالية وما يتحمله لبنان من أعباء، أو حتى بالنسبة لإستهلاك البنى التحتية، حيث تقدر التقارير الأممية الخسائر التي تحملها لبنان بسبب وجود أكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري، بأكثر من ٣٥ مليار دولار.
ولعل الأخطر من الأرقام المالية، تلك التداعيات الإجتماعية والديموغرافية على البنية الداخلية، حيث سبقت نسبة الولادات عند السوريين سبعة أضعاف الولادات عند اللبنانيين، وتضاعف تعدد الزوجات عند السوريين في لبنان أكثر من مرة، وإرتفعت نسبة الجرائم عند السوريين بأرقام كبيرة، فضلاً عن المزاحمة غير المتكافئة بين العمالة اللبنانية ومثيلتها عند السوريين، الأمر الذي ساهم في رفع أرقام البطالة عند اللبنانيين.
لا شك أن الحكومات المتعاقبة في لبنان لم تعطِ هذا الموضوع الإهتمام اللازم، وبقيت تطالب بخجل الدول الأوروبية الإيفاء بتعداتها في المؤتمرات المخصصة لدعم النازحين السوريين، ثم جاءت أزمة لبنان مع الدول الخليجية لتزيد الطين بلة، وتؤدي إلى وقف المساعدات التي كانت تقدمها تلك الدول للبنان.
ولكن ثمة ما يثير الريبة في تعاطي المجتمعات الغربية مع قضية النازحين، حيث تصر المنظمات المعنية على تقديم العون المادي للنازحين السوريين في بلدان اللجوء، وتوفير كافة الخدمات الطبية والإستشفائية، فضلاً عن التعليم المدرسي والمهني في٬مختلف مراحله. كما تتولى الهيئات الأممية توفير مبالغ نقدية شهرية للنازحين.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ماذا يعني إعطاء النازحين السوريين كل المساعدات وتقديم بعض الخدمات التي لا تتوفر عادة حتى للبنانيين.
ولعل السؤال الأهم: لماذا لا تحث الدول المانحة السوريين للعودة إلى مناطقهم الآمنة، وتساعدهم في تأمين خدمات البنية التحتية لهم؟
صلاح سلام – اللواء