ترتدي المواجهة المستمرة بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” طابعاً مختلفاً في اللحظة الداخلية الراهنة حيث أن السجال بات يتخطى الحدود التقليدية إلى توتر على أكثر من صعيد، بحيث تتخوف اليوم أوساط قيادية في “القوات”، من استحضار تجارب سابقة من العام 1988، حيث كانت المواجهات المفتوحة، هي السياسة المعتمدة والتي يكررها اليوم رئيس “التيار الوطني” النائب جبران باسيل.
وتشير الأوساط “القواتية”، إلى أنه مع بداية عهد الرئيس ميشال عون وقبل اندلاع ثورة 17 تشرين، اعتمد النائب باسيل سياسة “الفتن المتنقلة” والجولات المناطقية، التي يهاجم فيها فريقاً سياسياً معيناً، كالقوات و الحزب التقدمي الإشتراكي وتيار المستقبل والرئيس نبيه بري، ولكنه طبعاً يستبعد دائماً الهجوم على “حزب الله” لأنه يخشى من سلاحه من جهة ولأنه في تحالف عضوي واستراتيجي وبنيوي معه من جهة اخرى، وفق معادلة السلاح مقابل السلطة.
وتكشف الأوساط “القواتية” ل”ليبانون ديبايت”، أنه بالعودة إلى العام 1988، فإن العماد عون، اعتمد الأسلوب نفسه لأنه يعتبر أن هذا النمط من المواجهات المفتوحة مع الجميع ومداورةً وفي كل الوقت، يؤدي الى اكتساب الشعبية، إذ أنه سعى من خلال الهجوم على الجميع، الى انتزاع شرعية معينة، مع أنه في كلّ مرة استلم فيها زمام السلطة، أوصل البلاد إلى انهيارات غير مسبوقة في تاريخ لبنان، بينما كان المطلوب التصرف بحكمة.
وبالمقارنة بين تلك الحقبة واللحظة الراهنة حيث أن النائب باسيل بات في مواجهة مع غالبية القوى السياسية، تشير الأوساط نفسها، إلى أن ما يقوم به النائب باسيل اليوم، من مواجهة مع “القوات” حيناً ومع الرئيس نجيب ميقاتي حيناً ينطلق من المدرسة القائمة على “مواجهات دون إنجازات واعتماد على المزايدات دون أي مشروع سياسي”. وترى أن “هذا الفريق السياسي راكم شعبيته عبر معارضته لسلاح الميليشيات، وإذا به يتحالف مع ميليشيا انقلبت على الدستور اللبناني وعلى اتفاق الطائف وتتحمل اليوم مسؤولية الدرك الذي وصل إليه لبنان”.
وبالتالي، وبرأي هذه الأوساط، فإن “باسيل يدخل في سياق المواجهات المفتوحة ظناً منه انه يستطيع بعد الإنتخابات النيابية وعشية الإنتخابات الرئاسية أن يمهّد ويحضّر المناخات السياسية لقطع الطريق أمام حلفاء له، وبالتالي فرض حاله كأمر واقع، ويهددهم أنه في حال ذهب بطرح أي إسمٍ غيره، سيدمّر لبنان سياسياً على رؤوس الجميع ومن ضمنهم حلفائه”.
وعليه، تعتبر الأوساط “القواتية”، أن هذا الفريق السياسي لا يقصّر على هذا المستوى ويذهب بإتجاه المزيد من المواجهات المفتوحة ظناً منه أنها تخوّله الدخول إلى القصر الجمهوري، ولذا فالتسخين السياسي سيتواصل لأنه بعدما خسر نيابياً لا يريد أن يخسر رئاسياً.