لبنان رهينة ثلاثة استحقاقات مصيرية يلفّها الغموض والضبابية: ملف تأليف الحكومة، الاستحقاق الرئاسي، وملف ترسيم الحدود.
وبموازاة الانسداد السياسي تزداد الأزمة الاقتصادية تفاقماً مع امتصاص ما تبقى من قدرة شرائية للبنانيين عبر التوجه إلى اقرار الدولار الجمركي على سعر 20 ألف ليرة، ومع قفزة جديدة للدولار في السوق الموازي متأرجحا عند عتبة الـ 33 ألف ليرة.
حكومياً، يبقى ملف التشكيل الوزاري معلقاً رغم محاولة انعاشه الاسبوع الماضي بلقاء جمع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي. فيما توقعت مصادر أن تنشط الاتصالات مطلع الأسبوع في ظل الاجتهادات الكثيرة بعدم دستورية تسليم إدارة البلاد لحكومة تصريف الأعمال، إذا ما وقع الفراغ الرئاسي.
وعلى مسافة 10 ايام من بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا معطى يشير إلى توجيه المجلس النيابي دعوة لانتخاب رئيس قبل نهاية أيلول. وهو ما تربطه مصادر معارضة بصدور قرارات المجلس الدستوري في مسألة الطعون النيابية والمتوقعة خلال الشهر المقبل «بما يقلب معادلة الأكثرية النيابية الضرورية لانتخاب رئيس».
وبانتظار أي تطور لهذين الملفين، يتضاءل الحديث عن حسم لملف ترسيم الحدود، حيث برز كلام تصعيدي للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله نفى فيه أي علاقة بين توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى الغربية وملف الترسيم «لا من قريب ولا من بعيد». وقال نصرالله «سواء وُقّع الاتفاق النووي أو لم يوقّع، إذا قُدّم للدولة اللبنانية ما تطالب به، فإننا ذاهبون إلى الهدوء والسلام. أما إذا لم يُعطَ للدولة مطالبها فنحن ذاهبون إلى التصعيد».
ودعا نصرالله إلى مواصلة الجهد لتأليف حكومة كاملة الصلاحيات منبهاً من قفزة الدولار الجمركي من دون دراسة واقعية.
نيابياً، وبعدما حدد كل طرف سياسي مواصفات الرئيس العتيد التي يريدها، على وقع عودة الحروب الكلامية بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، عقد نواب قوى التغيير خلوة تمحورت حول مختلف الملفات واستحوذ الملف الرئاسي على الحيز الأكبر من النقاش.
النائب مارك ضو أشار إلى مبادرة في هذا الخصوص ستعلن في سبتمبر، لافتاً إلى أن لا فيتو مسبقا على الحوار مع أي طرف.
ولفت ضو إلى أن قائد الجيش العماد جوزيف عون ليس خياراً رئاسياً لهم كتغييريين، لأنه يحتاج الى تعديل دستوري، «ونحن ضد أي تعديل الآن، بينما زعيم تيار المردة سليمان فرنجية ليس خيارا أيضاً بنسبة %99.99 اما جبران باسيل فـ100%، وسنطرح ميشال معوض ونعمة افرام كاسمين للبحث».
وفي ما خص طرح القوات اللبنانية بوجوب التقاء المعارضة حول مرشح واحد للسير به، أكد ضو أنهم كنواب تغييريين مع فكرة أن تتجمع المعارضة، ولكن لا اتفاق حتى الآن بين النواب التغييريين على تموضع «القوات اللبنانية» رغم انها فعليا هي الكتلة المسيحية الأكبر وليس التيار الوطني الحر.
الدولار الجمركي
مالياً، وأمام تعدد تسميات او تعريفات الدولار في لبنان، سيضاف الى قاموس اللبنانيين تعريف آخر يضاف الى الدولار الرسمي ودولار منصة «صيرفة» ودولار السوق السوداء، هو الدولار الجمركي الذي طرحت الحكومة تحديده على سعر 20 الف ليرة بعدما كان يعمل به بـ 1500 ليرة.
المصادر الاقتصادية اعتبرت ان رفع سعر الدولار الجمركي ١٣ ضعفا يعتبر بمنزلة مقتل للاقتصاد الذي يتم التداول به لادخال ايرادات جديدة للخزينة، بينما المفروض أن يتم تفعيل القطاعات الإنتاجية ودعمها ومنع التهريب، وتطبيق خطة ماكنزي الممولة من الدولة ولم تأخذ بها. ووفق هذه المصادر، فإن حجم الاقتصاد غير الشرعي وصل الى %80 بينما الاقتصاد الشرعي لا يتجاوز الـ %20.
رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني فند تداعيات القرارا، معتبرا ان رفع الدولار الجمركي بهذه النسبة سيزيد التضخم ويعمق الركود ويضعف قدرة المواطن الشرائية.