بعدما “طبلت” الدنيا بحرصها على حماية الودائع التي تقل عن 100 ألف دولار، ها هي الحكومة تبتدع الطرق الجهنمية لاستكمال مخططها القاضي بتحميل ما تبقى من خسائر مالية للمواطنين عامة وصغار المودعين خاصة. وللغاية ستضيف آجلاً، إن لم يكن عاجلاً، سعراً جديداً على أسعار الصرف الرسمية متمثلاً بـ الدولار “الجمركي”. فيصبح في لبنان 6 أسعار صرف رسمية هي: 1515، و3900 للسحوبات النقدية التي تتخطى 3000 دولار، 8000 ليرة للسحوبات بحسب التعميم 151، و12 ألفا للسحوبات بحسب التعميم 158، و20 ألفاً لاحتساب الدولار الجمركي، و26 الفاً لمنصة صيرفة. أسعار هدفها “تسريع تذويب الودائع وتمويل الدولة بالتضخم”، بحسب مصدر متابع.
في الواقع، ان ارتفاع الاسعار يحتم على المودعين سحب كميات أكبر من ودائعهم لشراء الكمية نفسها من السلع. وارتفاع الاسعار المرتقب بنسب كبيرة نتيجة: زيادة الدولار الجمركي على ثلثي الواردات مع عجز عن تأمين بدائل لها، حتمية ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية، وفوضى الاسواق، ستؤدي جميعها إلى تسريع امتصاص الودائع. وعليه سيرتفع “الهيركات” المقدّر آنياً على معظم الودائع بـ 75 في المئة، إلى أكثر من 85 في المئة في المرحلة الاولى، بحسب المصدر، و”يتجاوزها بأشواط بمجرد استمرار سعر الصرف بالارتفاع، مقابل تثبيت السحوبات على 8000 ليرة”.
هذه المعادلة الجهنمية التي يوحي واضعوها بأنها حتمية لتلبية مطالب الموظفين، لن تؤدي إلى “فشل موصوف في زيادة الايرادات فحسب، إنما إلى أخذ التضخم باليسار ما ستضيفه الدولة باليمين على الرواتب والاجور” وفق تعبير المصدر. ويكفي فقط تخيل وصول سعر الصرف إلى 40 ألف ليرة في نهاية العام الحالي كما قدر معهد التمويل الدولي في أحد سيناريواته المتشائمه لنعرف القيمة الحقيقية لزيادة الاجور بالليرة بمقدار الضعف أو أكثر. والحل بحسب المصدر “لا يمكن أن يأتي من دون توحيد سعر الصرف أولاً، وتحقيق الاصلاحات النقدية والاقتصادية المطلوبة”. وهذا ما لا تريده السلطة للاستمرار قدر المستطاع في نهب المودعين والمواطنين على حد سواء، للتملص من تحمل المسؤوليات.
المصدر : خالد ابو شقرا – نداء الوطن