400 من أصل 560 قاضياً، قد انقطعوا عن العمل وأعلنوا الإضراب المفتوح عن العمل، بعدما وصلوا إلى مرحلةٍ لم يعد مقبولاً السكوت عنها نتيجة سوء الظروف التي يعمل فيها القضاة وتدني قيمة رواتبهم جراء الإنهيار الدراماتيكي للعملة الوطنية مقابل الدولار. وقد رأى وزير العدل الأسبق البروفسور ابراهيم نجار، في هذه الخطوة، سابقةً يعيشها القضاء في لبنان، من خلال هذا الإضراب العلني، مشيراً لـ “ليبانون ديبايت”، إلى أن ما يحصل هو أكثر بكثير من إعتكاف، ويشكّل سابقة لم يعرفها لبنان وتحصل للمرة الأولى، إذ أنه، ومن الناحية المبدئية، لا يقرّها القانون، ولكن الضرورات تبيح المحظورات.
وذكّر البروفسور نجار، بحالة الإعتراض التي سُجّلت في العام 2008، عندما حصل نوع من “التأفّف” داخل القضاء، عندما اعترض القضاة على الحالة المزرية التي وصل إليها القاضي في حياته اليومية، وقد اضطرت الحكومة في حينه إلى تصحيح أوضاع القضاة من خلال إصدار سلسلة الرتب والرواتب الخاصة بالقضاة، مع العلم أنه في تلك الفترة، رفضت الحكومة مطالبنا بتحسين رواتبهم، لأنها تخوّفت من أن يطالب الموظفون في كل ملاكات الدولة بأن تتمّ مساواتهم بالقضاة، مؤكداً أنه قد نجحت وزارة العدل في تصحيح رواتب القضاة في العام 2009.
ورداً على سؤال حول واقع القضاء وما إذا كان الإضراب العلني للقضاة يعني غياب العدالة وتوقف المحاكم، شدّد البروفسور نجار، على أن القضاء هو سلطة، والقاضي ليس موظفاً كغيره من الموظفين، ويجب تكريس هذا الواقع بقرار أو تعديل دستوري، ذلك أن القاضي يحتاج لأن يكون مستقلاً ومحمياً، وبمنأى عن حالة العَوَز وعن ضرورة التسكّع على أبواب السياسيين.
واعتبر أنه، على الرغم من كل المواقف الصادرة عن المسؤولين السياسيين وتلكوء بعض الوزراء عن متابعة شؤون القضاء، فإن إعلان نحو 350 قاضياً اليوم التضامن معاً والإضراب والإنقطاع عن العمل، يعكس “حالة تبرؤ من كل هذه المنظومة السياسية”. ولذا، فإن احترام القضاء هو المطلوب اليوم من خلال الإضراب وليس تحسين الأوضاع الإجتماعية والمالية فحسب، كما أضاف البروفسور نجار، والذي كشف أن “كل ما نعيشه اليوم يشير إلى أننا لا نحترم القضاء، مع العلم أنه لكل قاضٍ كرامته، فالقاضي هو صاحب سلطان وليس موظفاً”. كذلك، طالب بتشديد العقوبات الجزائية، والتي تعاقب تدخل السياسيين في القضاء، والذي بات يعاني من حالة اهتراء شامل اليوم بنتيجة هذه التدخلات.
وبالتالي، وجد البروفسور نجار أن 500 قاضياً في السلك القضائي اليوم، هم بالكاد يكفون للقيام بالأعمال الروتينية، بينما في الواقع هناك حاجة لألف قاضٍ من أجل النهوض بكل أعمال القضاء في لبنان.
وعن جدوى وفاعلية إضراب القضاة، أكد نجار أنه سينفع بالضغط على السلطة السياسية بوقف التدخل في شؤون القضاء، وبمعالجة وضع القاضي الإجتماعي وتكريس استقلالية عمل القضاء في لبنان.