تتابع لجنة المال درس مواد الموازنة ضمن مشروع قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام ٢٠٢٢، حيث يتردد ان الاتجاه سيكون نحو توحيد سعر الصرف عند ٢٠ الف ليرة لكافة التعاملات بما فيها الدولار الجمركي ومنصة صيرفة… وذلك نتيجة اتفاق ضمني في الكواليس السياسية شمل ايضا الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي. وبذلك ينتهي السعر الرسمي المحدد بنحو ١٥٠٠ ل.ل منذ سنوات.
ولكن جلسة اليوم لم تبت اي رقم، حيث اعتبر رئيسها النائب ابراهيم كنعان انه “يمكننا وضع أرقام دفترية مثلما أبلغنا وزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف الخليل أن التوجه هو لقيمة دولار جمركي بـ20 ألف ولكن السؤال هو “كيف منجيبو” فعلينا أن نكون واقعيين لأن رواتب القطاع العام لا تزال على الـ1500 ونريد أن نعرف الأثر المالي لهذا الرقم على الموازنة”.
وتعليقا على هذه المداولات، اعتبر الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، ان توحيد سعر الصرف ورفعه الى سقف العشرين الفا للدولار الواحد يدفع تلقائيا الى السؤال: ماذا عن الرواتب؟ هل ستصبح الاجور على اساس هذا السعر؟
من جهة اخرى، يشرح عجاقة بالارقام، كيف ستصبح عليه الاسعار، قائلا اذا انطلقنا من سلعة ثمنها قبل ان تصل الى المستهلك 100 دولار، فان المواطن يدفع سعرها وفقا للاتي:
100 دولار x 32 الفا (سعر الصرف اليوم في السوق السوداء) + 11% x ١٥٠٠ ل.ل. (الضريبة على القيمة المضافة) و٥% ×١٥٠٠ ل.ل. (رسوم جمركية= ٣.٢٢٤ مليون ليرة مع الاشارة هنا الى ان التجار لا يلتزمون بالسعر المحدد للصرف على منصة صيرفة بل على اساس السوق السوداء.
اما اذا اصبح السعر الموحد للدولار 20 الفا، فان السعر سيصبح كالآتي:
100 دولار ×32 الفا (لان التجار لن يلتزموا الا بسعر السوق السوداء) + قيمة الـTVA ستصبح 220 الفا + الرسوم الجمركية نحو 100الف.
وبعملية حسابية يتبين ان ثمن سلعة بـ100 دولار سيرتفع من 3.2 مليون ليرة الى 3.52 مليون ليرة لبنانية. اي ان الزيادة نحو 10% على السعر النهائي.
واذ اكد ان توحيد سعر الصرف الرسمي لا يلغي اطلاقا السوق السوداء، شرح عجاقة ان الكلام عن 500 سلعة غير مشمولة برفع الدولار الجمركي غير دقيق لسبب ان التجار لن يلتزموا، وما يثبت ذلك العديد من التجارب، اذ ان السؤال الاساس من سيراقب، وزارة الاقتصاد او الاجهزة الامنية؟… وبالتالي لا راقبة فعلية وبالتالي اسعار كل السلع سترتفع وستكون على اساس سعر السوق السوداء اليومي.
وردا على سؤال، قال: فلتخبرنا اللجنة الوزارية كما الحكومة عن الاجراءات التي ستتخذها لوقف السوق السوداء، مضيفا: ما ستأخذه الدولة الى خزينتها نتيجة هذه الزيادة، سيكون مقابل كل 100 دولار استيراد ، 300 الف ليرة اضافية عن الرسوم الحالية، معتبرا ان التاجر كان يسعر هذه الرسوم على المواطن (على اساس دولار السوق السوداء اليومي)، ويدعي انها على سعر 1500، بمعنى ان ما ستناله الدولة سيكون من حصة التاجر الذي بطبيعة الحال سيلجأ الى التعويض من خلال التهريب، محذرا من ان نصل الى مرحلة تنخفض فيها نسبة دخول البضائع عبر الجمارك لينشط بشكل لافت التهريب.
وتابع عجاقة: القصة لا تنتهي هنا، فماذا عن القروض التي ما زال المواطنون يسددونها لغاية اليوم على اساس سعر الـ1500 ل.ل للدولار؟ فماذا سيحل بها على اساس 20 الفا؟ هل يصبح سند الـ200 دولار اكثر من 4 ملايين ليرة، وهل لدى المواطن القدرة على تحملها، في حين ان لا شيء واضح بالنسبة الى الرواتب؟
وانطلاقا من كل ما تقدم، قال عجاقة: نصل الى نقطة حساسة، في حال تم تثبيت الدولار عند سقف الـ 20 الفا، فان ارتفع الدولار في السوق السوداء سيخلق عجزا في الموازنة ما يجعلها وهمية، لان ما ورد في نصوصها لن يتحقق.
واضاف: عندها سنكون امام امرين خلق عجز في الموازنة او الطلب من مصرف لبنان تثبيت الدولار، بمعنى نقل العجز من الموازنة العامة للدولة الى موازنة مصرف لبنان.
وختم عجاقة: انها موازنة وهمية من ناحية العجز وموازنة وهمية من ناحية الانفاق… اي احترقت الطبخة.
رانيا شخطورة – أخبار اليوم