لم تختفِ طوابير البنزين من أمام المحطات في النبطية رغم صدور التسعيرة الجديدة، على العكس بقيت وإن بنسب متفاوتة، في ظل استمرار إقفال 80 في المئة من المحطات من دون عذر منطقي. منطقة النبطية يوزع فيها البنزين بالقطارة، فغالبية أصحاب المحطات تجار أزمة، الكل ينتظر دولرة البنزين، ويسعى لتأمين أرباح خيالية، تارة بالإقفال المتعمّد بحجة الخلاف على التسعيرة رغم امتلاكه المخزون، وطوراً بالإقفال التوافقي بين معظم المحطات كنوع من ضغط باتجاه رفع الدعم وتحرير صفيحة البنزين نهائياً من قبضة حاكم مصرف لبنان.
بالمحصّلة أزمة البنزين مستمرّة في النبطية وستتكرر كل فترة ريثما يُرفع الدعم وتحدّد الصفيحة بـ20 دولاراً، كما تؤكد مصادر متابعة.
على ما يبدو إن كل الدعم رفع عن السلع في لبنان، في حين دعم الدولة للمواطن وحده «المختفي». فقد عادت بطاقة الدعم الى الواجهة، في ظل حديث عن رفع الدولار الجمركي، ما يعني تضييق الخناق الاقتصادي على المواطن الذي بالكاد يتنفس، وبدأ سؤاله متى يتم الإفراج عن بطاقات الدعم المخصّصة للفقراء من قبل وزارة الشؤون ولماذا تأخرت، في ظل حصول الأثرياء عليها كنوع من الاستفزاز للفقراء فالبطاقة «لناس بسمنة وناس بزيت» المدعوم محظوظ والفقير الله معو، أما البطاقة فتبخرت.
لا ينكر أحد المحسوبية التي تطال هذا الملف، وأن معظم بطاقات الدعم ذهبت لجهة سياسية محددة وتحديداً للميسورين منها، كنوع من ردّ الجميل الانتخابي إضافة الى تصاعد رائحة الفساد من داخل هذا الملف، إذ كيف يعقل أن يحصل من يملك فيلا على البطاقة ومن يعيش بالإيجار محروم منها؟ من وضع تلك الآلية ولمصلحة من؟ وما دور وزارة الشؤون في ذلك؟
وكأنه كتب على الفقير، «الشحار والتعتير»، مفروض عليه كل الأزمات، وممنوع عليه الحصول على «بطاقة أمان» من دون عذر منطقي.
عشرات بل مئات العائلات ما زالت تنتظر قدوم موظفي وزارة الشؤون للكشف على منازلها، شهور مرّت على إطلاق البطاقة، وها هو الدولار الجمركي ورفع الدعم أقرّ والبطاقة ما زالت خارج الفقراء وبين أيدي المحسوبيات لماذا؟
منذ أشهر وتنتظر خديجة قرار قبولها ضمن لائحة المحظيين ببطاقة الدعم الاجتماعي، غير أن انتظارها خاب، على حدّ قولها «البطاقة للمدعومين فقط». وأكثر تقول، أدّت المزاجية لدى من رافقوا موظفي الشؤون الى المنازل دوراً في حرمان الفقير فرصته الأخيرة للدعم قبل فوات الأوان. تؤكد أن وفداً من وزارة الشؤون زار منزلها، وغادر، ظنّت أنها ستحصل على الدعم لتتمكن من شراء الأدوية ولكن»يبدو أن البطاقة للمدعومين وأنا مش مدعومة».
عام مر على دخول بطاقة الدعم حيز التنفيذ، أكثر من 60 بالمئة من اهل النبطية دون خط الفقر، شريحة واسعة لا تتجاوز رواتبها المليوني ليرة أي فاتورة اشتراك، جزء واسع من موظفي القطاع العام، كل ذلك لم يشفع بحالهم، «انت مدعوم بتوصلك البطاقة مش مدعوم انتظر الفرج»، هو السيناريو المعتمد حالياً، ولا عجب إن ذهبت البطاقات للأثرياء فقط، فالفقراء يتحملون على حد ما يقول ابو محمد وهو يأمل خيراً بالبطاقة، فجاره المقتدر حصل على بطاقة دعم هو وأولاده، وبات محظوظاً بالحصول على مئة وخمسين دولاراً، تجده يسأل «ليش مش ع أساس البطاقة للفقراء، أين الفقير منها، السوري يحصل على مساعدات مالية تصل الى مليون ليرة لكل ولد ونحن محرومون. مش حرام هالبلد هيك؟».
تؤكد مصادر متابعة للملف أن هناك استنسابية في توزيع البطاقات، وان تحولت فترة الانتخابات رشوة انتخابية، واليوم تطال الميسورين، ممن يملكون سيارة فخمة وفيلا، ولا تخفي أن هناك نقمة شعبية بدأت تخرح للعلن، فالكل يطالب بحقه في البطاقة، غير أنه يأسف أن هناك أسماء يتم انتقاؤها كنوع من الرشوة ولو على حساب الفقراء.
إذاً، بطاقة الدعم للمدعومين فقط، وعلى وزارة الشؤون أن تعيد النظر في آلية التوزيع.
رمال جوني – نداء الوطن