كتب غاصب المختار في “اللواء”:
انفتحت بسرعة قياسية ملفات مهمة كانت في ترتيب أدنى، كان أبرزها حصول أحد المودعين في أحد المصارف على جزء من وديعته بالقوة ولو دفع ثمن فعلته مدة غير معلومة بعد في السجن. وهو ما طرح مجدداً للبحث ضرورة إيجاد حل لأزمة حقوق المودعين بما يرضيهم ويرضي المصارف، إذ لم يعد جائزاً أن تبقى ملايين دولارات المودعين أسيرة وضع المصارف المتعثر داخلياً والمرتاح خارجياً بعد تهريب كميات كبيرة من أمواله للخارج.
الملف الآخر الذي انفتح بعدما نام أشهراً ترسيم الحدود البحرية، بعد التطورات العسكرية التي شهدها الملف، من رحلة المُسيّرات الثلاث فوق حقل «كاريش» التي أسهمت في إعادة إطلاق حركة الوسيط الأميركي، الى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي قال عنه نائب رئيس المجلس النيابي إلياس بو صعب انه أخّر الرد الإسرائيلي على عروض لبنان للتفاوض… لكن للحديث، صلة حيث من المتوقع أن يعود الوسيط آموس هوكشتاين الى المنطقة بحلول نهاية شهر آب لمتابعة مساعيه.
الحدث الثالث المهم سياسياً، لقاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بوفدٍ قيادي من حزب الله، كرّس التواصل غير المباشر بين الطرفين الذي كان يتم عبر الوزير الأسبق غازي العريضي، كما كرّس معادلة «تنظيم الخلاف» بين الطرفين. لكن وفق مصادر الاشتراكي، كان اللقاء صريحاً وودياً ومن دون قفازات ولا مواربة، بحيث طرح جنبلاط كل هواجسه بشكل أسئلة حول الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يعتبرها أولوية الآن وسبل معالجتها، والاستحقاق الرئاسي وترسيم الحدود البحرية وهل يمكن أن تجرّ الخلافات حولها الى حرب، وما هو موقف الحزب من كل هذه الأمور؟
وثمّة حدث عاد للواجهة وهو تحريك رئيس الجمهورية واللجنة الوزارية المكلفة متابعة عودة النازحين السوريين لهذا الملف الساخن، والذي سيضعه لبنان على نار حامية للتنفيذ، بعد زيارة وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين الى سوريا المقررة اليوم الاثنين والاتفاق على بعض الخطوات التنفيذية للعودة، والتي تحتاج حسب مصادر رسمية متابعة الى موافقة الرئيس ميقاتي «المتردد والحذر من هذه الخطوة التي تضعه بمواجهة المجتمع الدولي الرافض لعودة النازحين».
وبين الانفراجات المحدودة المرتقبة على صعيد ترسيم الحدود، ومعالجة انقطاع الكهرباء بالمعونة العراقية، ومتابعة اللجان النيابية بحث مشاريع الموازنة العامة وقوانين الاصلاحات المطلوبة من البنك الدولي، تمهيدا لإقرارها في جلستين مرتقبتين قبل نهاية آب أو بداية أيلول كما قالت مصادر نيابية، فإن ثمة مخاوف كبرى من انفجارات أمنية نتيجة تأزّم الوضع المعيشي وتحليق سعر الدولار ومعه أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية الضرورية، وهو ما نبّهت منه أكثر من جهة سياسية وأمنية ونقابية ومهنية بعد حادثة اقتحام مصرف «فيدرال بنك».
كما ان هناك مخاوف من إحتمال عدم توصل مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الى حلول سريعة كما يراهن البعض، نتيجة «غموض» الموقف الإسرائيلي وربما سلبيته من العرض اللبناني، وعدم تقديم الوسيط الأميركي مقترحات معقولة ومقبولة تراعي الطرفين المتفاوضين، ما يمكن أن يؤدي الى توتر عسكري ولو محدود، أو توقف المفاوضات مرة أخرى لحين إيجاد المخارج والحلول، أو لحين إجراء الانتخابات الإسرائيلية، وهنا تكبر المخاوف في حال وصل المتطرفون بقيادة بنيامين نتانياهو الى الكنيست.
ووسط هذه الأزمات، بقيت أزمة تشكيل الحكومة معلقة على الخلافات الشكلية الظاهرة بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، والخلافات السياسية المستبطنة، حول أولوية تشكيل الحكومة أم أولوية الانتخابات الرئاسية، عدا الخلافات حول الكثير من الملفات التي ستبقى معلقة حتى نهاية العهد، لعل وعسى يأتي رئيس للجمهورية «مطواع ومهادن وحيادي» يكون عهده عهد تنازلات وتسويات ومحاصصات دفع ثمنها لبنان واللبنانيون الكثير الكثير.
والى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية سيبقى التوتر السياسي والمعيشي والاجتماعي قائماً، يدفع ثمنه اللبنانيون من دمهم وأعصابهم ومالهم المتبقي، بينما الطبقة السياسية الحاكمة تفتش عن مصالحها وتزيد من موجودات خزائنها.