أمام الواقع الكريه، لم يعد التعامل مع بعض المصارف في لبنان يخضع لمعايير المنطق أو العقل او القانون أو حتى الاخلاق. واذا كان المودع قد وصل الى مرحلة من اليأس تدفعه الى أعمال انتحارية من اجل تحصيل ولو جزء يسير من حقوقه، فإنّ ادارات بعض المصارف لا تعتبر، بل تتصرّف وكأنها اصبحت خارج سياق أي قانون او محاسبة.
هذه الفوضى تدفع الى ان يتخذ كل مصرف، وفق “الجمهورية”, بل كل فرع في المصرف، ما يناسبه من قرارات، من دون الأخذ في الاعتبار أو مراعاة القانون ولا الزبون.
هذه المعاناة يمكن اختبارها بوضوح في طريقة تعاطي «بنك عوده» مع زبائنه، حيث باشر عملية تصفية لحسابات التوطين لديه، مع عِلمه المُسبق بأنّ مثل هذه الخطوة سوف تؤذي الموظف والمؤسسة التي يعمل فيها. ولا تأخذ ادارة المصرف في الاعتبار سنوات التعاون مع المؤسسة ومع موظفيها، اذ انّ تشويه السمعة لم يعد ضمن اولوياتها، ولم تعد تهتمّ لا لسمعتها ولا لأخلاقيات العمل، ولا للقوانين المرعية الاجراء.
وكان بنك عوده قد بدأ عملية «التعدي» على زبائنه من خلال فرض «خوّة» على تحويل الرواتب الى الموظفين، اذ انه لم يكن يقبل بتسليم الموظفين رواتبهم، او بالأحرى جزءا منها، ما لم يحسم نسبة مئوية كبيرة من المال من دون اي مسوّغ قانوني، بل فقط لأنه يعتبر نفسه فوق القانون وفوق المحاسبة.
ولا يكتفي بنك عودة بذلك، بل يفرض البلطجة على اموال الفريش دولار ايضاً، اذ انه يُخضع عملية دفع الدولار الفريش الى أصحابه لمزاجية رئيس مجلس ادارته الذي يُفتي بدفع حوالات الفريش، او عدم دفعها، وتأجيل السداد بلا اي تبرير مُقنع.
ما يقوم به بنك عوده مع المؤسسات العاملة في لبنان، والتي لا تزال تكافح رغم الأزمة، هو بمثابة خيانة تُسهِم في ضرب ما تبقى من اقتصاد قائم. ولا بد لأجهزة الرقابة من ان تتحرّك لوضع حد نهائي لهذه السلبطة، لأنّ عواقب استمرار مثل هذه التصرفات ستكون وخيمة على الجميع.