يبدو من الواضح أن مصير سعر صرف الليرة أمام الدولار مرتبط في القادم من الأيام بعاملين أساسيين:
الأول، قدرة مصرف لبنان، بعد خروج السيّاح والمغتربين، على استمرار التدخل على منصة صيرفة بكميات وازنة تعوّض الطلب، وكلفة هذا التدخل.
الثاني والأهم، يتمثل بالقدرة على ضبط العمليات النقدية وتحديد حجم ميزان المدفوعات بشكل قاطع ودقيق.
وللوصول إلى الشرط الثاني يجب “تنفيذ مجموعة من الخطوات الأساسية التي تعيد الثقة بالنظام المصرفي، وتحدّ بشكل كبير من العمليات النقدية”، من وجهة نظر أبي نصر، ومنها:
– إعادة هيكلة القطاع المصرفي.
– تحديد جميع التدفقات النقدية الداخلة والخارجة من البلد.
– فتح منصة صيرفة أمام جميع المتداولين، على أن تصبح المنصة الوحيدة لعمليات الصرافة بشفافية مطلقة. فيتحدّد السعر العادل للصرف تلقائياً، ويتظهّر حجم التداول الحقيقي. ويحدّد حجم العمليات النقدية.
من دون خطوات جدية وفعّالة سيبقى سعر الصرف عرضة للتقلبات الكبيرة. ولا شيء سيمنع الليرة من استمرار التهاوي أمام الدولار. الأمر الذي يعمّق الأزمة في القادم من الأيام، ويفاقم المعاناة ويسرّع الانهيار فقط لمصلحة المضاربين وبعض المستفيدين. فإذا استثنينا عاملي الثقة والمضاربة، فإن الضغط على سعر الليرة اليوم غير مبرر من الناحية الاقتصادية. فالعجز في الميزان التجاري المقدر اليوم بحوالى 9 مليارات دولار يمكن تغطيته بسهولة من عوائد الصادرات التي تفوق 3 مليارات دولار وتحويلات المغتربين المقدرة بـ 6.7 مليارات دولار وبقية التحويلات غير المنظورة”، من وجهة نظر أبي نصر. وفي المبدأ فإن الميزان التجاري يمثل الطلب الأساسي والكبير على الدولار. وهذا يعني أن الطلب الهائل على الدولار جرّاء انفلاش طباعة الليرات، إما يهرّب إلى الخارج وإما يخزّن في البيوت. ولا أمل في تحقيق الاستقرار في سعر الصرف إلا مع توقف هذه الظواهر، وعودة الأموال المخزّنة إلى الدورة الاقتصادية أو المصارف التجارية. وهذا ما يتطلب في النهاية إصلاحات جذرية.
نداء الوطن