لم يغفل مصرف لبنان عن الموسم السياحي الصيفي الذي أتى بعد طول انتظار. التدفق الكبير للمغتربين الذي فاق عددهم 1.2 مليون مغترب، بمعدل إنفاق تراوح بين 1.5 و2 مليار دولار، لم يمثّل للمركزي إلّا “أداة مالية جديدة” أتت من خارج التوقعات، لتطيل عمر احتياطياته الالزامية، ولتخفف عنه عبء البحث عن مصادر تمويل. فتوقف منذ نحو 3 أشهر عن التدخل بمبالغ كبيرة عبر منصة صيرفة، تاركاً آلية عرض الدولارات من السياح والمغتربين تتكفل بلجم سعر الصرف.
إحجام مصرف لبنان عن التدخل بسوق القطع بدأ بشكل فعلي مع نهاية أيار الفائت. وهذا ما ظهر بشكل واضح مع عجز قطاعات الانتاج عن الوصول إلى المنصة لتمويل عملياتها التجارية من جهة، وعدم تراجع سعر صرف الدولار إلى حدود 20 الف ليرة كما كان متوقعاً. بل ان السعر ثبت عند حدود 29 ألف ليرة طيلة الفترة الماضية، وقد عاد للارتفاع مجدداً مع بدء مغادرة السياح والمغتربين، وعدم زيادة مصرف لبنان في المقابل حصته بالتدخل على منصة صيرفة. ساعدته على ذلك مجموعة من العوامل أبرزها العطل الرسمية، وإضراب نقابة موظفيه، وإضراب المصارف حالياً. حيث لم يتخطَ حجم العمليات على المنصة يوم أمس مثلاً الـ 23 مليون دولار.
أمام هول التحديات السياسية والأمنية يبدو أن “أحلى الخيارين بين التدخل عبر منصة صيرفة للجم الدولار أو الإحجام عن التدخل سيكون مراً”، برأي مصدر مصرفي متابع، فالتدخل الذي كلف في النصف الاول من العام الحالي 2.3 مليار دولار “سيمتص ما تبقى من توظيفات إلزامية في فترة قياسية للمحافظة على سعر مرتفع أساساً، ولن ينخفض عن 20 ألف ليرة. في حين أن عدم التدخل بعد مغادرة السياح والمغتربين يعني المزيد من انهيار سعر الليرة، وفقدان المزيد من قيمتها الشرائية، وتعطيل كل محاولات اصلاح الرواتب والأجور، ولا سيما للقطاع العام”. وعليه يرى المصدر أن “الحل يبدأ وينتهي بالاستقرار السياسي، وتحقيق الاصلاحات المطلوبة، وإلا فإن المرحلة المقبلة ستكون الأصعب في تاريخ الأزمة”.
خالد أبو شقرا – نداء الوطن