ففي ظل إضراب الموظفين في الوزارة تصاعدت صرخة أهالي هؤلاء الطلاب من ضياع العام الدراسي الجامعي عليهم، نظراً لحاجتهم للشهادة للحصول على تأشيرة سفر، ولا سيما من السفارة الفرنسية، المصرة على تضمين الطلب نسخة عن الشهادة.
ضغط وزير التربية على الموظفين فتنازلوا لفتح أبواب الوزارة ليوم واحد، على أن يحضر الطالب مع نموذج يثبت أن طلب الشهادة هو للسفر. وستفتح الوزارة يوم الإثنين المقبل حصراً. وهو لن يكون كافياً لتلبية الآلاف الطلبات. لتعود وتتصاعد الصرخة من جديد.
تمييز طبقي
وقد احتج أهالي باقي الطلاب على هذا الإجراء التمييزي بحق أولادهم المتروكين لمصيرهم، في ظل عدم وضوح موعد فك الإضراب. ويقول أهالي بعض الطلاب أن وزارة التربية رضخت لبعض الأغنياء الذين يريدون إرسال أولادهم للتعلم في الخارج، وترك أولادهم بلا إفادات. تمييز طبقي جائر يمكن الطالب الميسور، الذي يملك الدولار النقدي، وابن الأكابر من الحصول على الشهادة، ويحرم الطالب الفقير الذي لا يستطيع التعلم إلا في الجامعة اللبنانية من الشهادة، إلى أجل غير معروف.
ضغوط الوزير لفتح الوزارة
وزير التربية عباس الحلبي حاول ثني الموظفين عن مواصلة الإضراب شاهراً قرار الحكومة والمرسوم الذي صدر مؤخراً لمنح الموظفين بدل إنتاجية عن كل يوم حضور فعلي (150 ألف ليرة للفئة الخامسة و200 ألف ليرة للفئة الرابعة و250 ألف ليرة للفئة الثالثة و300 ألف ليرة للفئة الثانية و350 ألف ليرة للفئة الأولى). لكن تبين أن هذا الأمر لا ينطبق على وزارة التربية. ففي وزارة التربية يوجد نحو 40 موظفاً إدارياً فقط يستفيدون من القرار، بينما مئات الموظفين فيها هم إما أساتذة تعليم ثانوي ومتوسط، أو يتلقون بدل أتعاب من صناديق التعاضد. وفيما صناديق التعاضد مفلسة لا يستطيع الأساتذة الحصول على بدل إنتاجية خلال الشهرين المقبلين. ما دفع كل موظفي الوزارة إلى التضامن والاستمرار بالإضراب.
الخدمة السريعة
ووفق مصادر مطلعة، عرض الموظفون على الوزير حلولاً لتأمين موارد ذاتية لوزارة التربية لتعويض عدم انطباق قرار الحكومة على الموظفين. فهناك آلاف الطلاب الذين يريدون الحصول على الإفادات المدرسية أو معادلة الشهادات الجامعية أو حتى الثانوية، سواء للتسجيل في الجامعات في الخارج أو في لبنان. ومن يريد من هؤلاء الطلاب الحصول على شهادته قبل غيره يمكنه فعل ذلك من خلال “الخدمة السريعة” لقاء بدل مالي. وهو إجراء شبيه بما هو معمول به في الأمن العام للراغبين بالحصول على جواز السفر عبر “الخدمة السريعة”. وهذا الإجراء يؤمن مداخيل للوزارة تتيح دفع بدل أتعاب الموظفين لتحفيزهم على فك الإضراب وتسريع عملية منح الطلاب الشهادات.
تخفيف دفع الرشاوى
هذا الإجراء، كما تقول مصادر مطلعة، من شأنه تأمين سير العمل في الوزارة وفق الأولويات التي يرغبها الطلاب. فمن هم بحاجة للشهادة أو الإفادة أو المعادلة بوقت سريع يدفعون لقاء هذه الخدمة، ومن هم ليسوا بحاجة لها بالوقت الحالي، ينتظرون دورهم من دون دفع أي مبلغ إضافي. غير ذلك، فإن فتح أبواب الوزارة ليومين في الأسبوع، كما هي حال بعض الوزارات والإدارات، يؤدي إلى تكدس عشرات آلاف الطلبات دفعة واحدة، ولن تجد الوزارة موظفين لإنجازها.
في المرحلة الماضية كان بعض الموظفين في مختلف الإدارات يواظبون على الحضور إلى وظائفهم لإجراء معاملات. وكانت تحصل رشاوى لتسريع إجراء المعاملات تصل إلى أكثر من مليون ليرة على معاملة كلفتها الرسمية طابعاً مالياً بألفي ليرة. لذا، فإن تكريس مبدأ “الخدمة السريعة”، الذي يشاع من ضمن مبرراته، أنه يخفف من دفع الرشاوى والفساد الإداري، قد يصبح مطلباً بين مختلف موظفي الإدارة العامة. وهو بكل الأحوال أحد مظاهر تحلل الدولة وإفلاسها.