فلنتّفق بدايةً على أن عطلةَ الصيف لطالما كانت ولا تزالُ كابوسَ الاهل… ففي غيابِ المدارس، تصبحُ المنازل شبيهةً بأرضٍ شهدتْ جولاتٍ وجولاتٍ من المعارك. من هنا، وُجدت المخيّمات الصيفية أو ما يُعرف بالـcolonie d’été حتى تحافظََ على اتزانِ الاهل في هذه الفترة، وتمرّرَ الصيف بأقلّ أضرار ممكنة… إلا أن دولرةَ طعامنا وشرابنا ومدارسنا وأفراحنا وأتراحنا لم توفّر أيضا هذا المتنفّسَ الصيفيّ…
إن قمتُم بجولةٍ على المخيّماتِ الصيفيّة في مختلفِ المناطقِ اللبنانية ستجدونَ الأسعارَ كلّها بالدولار الفريش، والتي لا تقلُّ عن الـ90 دولارا وتصل في بعضِ الأماكن إلى 300 دولار للشهر الواحد، وعن الولد الواحد. هذه الأسعار صعّبت المهمّة على الاهل وحرَمت الكثيرَ من الاولاد نشاطاتِهم الصيفية التي اعتادوا عليها، خصوصًا قبيلَ بدء عامٍ دراسيٍ ستكون أقساطه مع قرطاسيته وحاجياته الكثيرة، كلها بالدولار.
تروي أنجيلا، وهي أمّ لولدين، في حديث لموقع mtv، أنها لم تتمكّن هذا العام من تسجيلِ أيّ من ولدَيها في المخيّم الصيفي، لعدم قدرتها على تحمّل التكاليف وسط الغلاءِ الفاحش الذي لم يوفّر قطاعا في لبنان، وتضيف: “عدا عن القسطِ الشهري المحدّد بالدولار إضافة إلى ما يُطلب تأمينهُ من كماليات، لا يمكنني تحمّلُ تكاليفِ التوصيل اليوميّ للأولاد، فالمشوار صار بيحسبلو حساب مع ارتفاع سعر البنزين، ما اضطرّني للاستفادة من فُرصي السنوية في العمل حتى أتمكّن من مجالسة الاولاد”.
من جانبها، وجدت ريتا نفسها أمام الأمر الواقع، “يا colonie يا ما في شغل”، بحسب قولها، فهي تعملُ 3 أيام في الأسبوع من المنزل وبالتالي من المستحيل إبقاء ولديها معها، ما اضطرّها إلى تسجيلهما في مخيّمٍ صيفيّ. وتشير إلى ان خيارَها وقعَ على الـcolonie ذات السعر الادنى، بعد احتسابِ رسمِ التسجيل والبُعد عن المنزل أي كلفة النقل اليومية، بعدما كان خيارها في السابق يقع على المكان الذي يؤمّن العددَ الأكبر من النشاطات وأكثرها إفادةً وتثقيفًا.
أما رانيا، فوجدتْ الحلّ الأنسبَ لها، وهي أمّ لثلاثة أولاد، حيث قامت بتسجيل ابنها الأكبر (7 سنوات) في مخيّم صيفي، فيما ارتأت أن تترك ولديها الآخرين (4 و3 سنوات) عند جدّتهما، حتى تتمكن من الذهاب إلى العمل، فتكون بذلك وفّرت بقسط الـcolonie، ووفّرت في الوقت نفسه جلبةً إضافية على أهلها، “يكونوا اتنين أحسن ما يكونوا 3″، على حدّ تعبيرها.
هكذا ضرسنا جميعا أهلا وأولاها، من دون حتى أن نأكل الحصرم… تحوّلت صيفيّتنا كما كلّ أيّامنا على مدار الفصول الأربعة واحةً للمعاناة والصمود، علّ الآتي يحمل بشارة ما… والبشارةُ لا تأتي، ننتظرُها عبثًا!
سينتيا سركيس – mtv