في تقريره الأخير، أشار معهد التمويل الدولي بأن “أمام لبنان سيناريوهين الأول يبدأ البلد فيه بتطبيق الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي وبالتالي يتمكن من إبرام الإتفاق معه والسيناريو الثاني عدم تنفيذ هذه الإصلاحات وما قد ينتج عن ذلك من تداعيات على لبنان واللبنانيين.
وفي هذا الاطار، أكد مدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية د. فادي قانصو في حديث لموقع leb economy أن “لبنان يقف اليوم أمام مفترق طرق مصيري يضعه أمام سيناريوهين لا ثالث لهما. السيناريو الأول أو التفاؤلي، هو رهن تسوية سياسية تعبّد الطريق أمام الاستقرار السياسي والأمني مباشرة بعد الإنتخابات الرئاسية، مع ضرورة تشكيل حكومة بشكل سريع وتفعيل عملها بشكل منتج لمواكبة عملية إطلاق برنامج إنقاذ شامل من أجل إعطاء صدقية للمساعي الإصلاحية المطروحة، ولإستعادة الثقة بالوضع الاقتصادي والسياسي والحكومي وثقة المغترب اللبناني والتأسيس لمرحلة جديدة ونهج جديد ورؤية إقتصادية جديدة.”
ورأى قانصو أن “هذا المسار الإصلاحي شاقّ وطويل وصعب ويشوبه عدد من التحديات والعراقيل، إذ يحتاج إلى توافر أربعة عناصر مترابطة لضمان نجاحه، صدق النوايا بين مختلف الأفرقاء السياسيين وانسجامهم لضمان المناخ المؤاتي من الإستقرار السياسي والأمني، حكومة توحي بالثقة وذات مصداقية قادرة على تطبيق ما يلزم من إجراءات، الحشد الدولي والدعم المالي لتمويله، والأهم من ذلك عامل الوقت لتُترجم هذه الاصلاحات بشكل فعلي ونبدأ بقطف ثمارها.”
وتوقع قانصو “في ظلّ هذا السيناريو أن نشهد في أعقاب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الساعي إلى تحرير سعر الصرف دون أي تدخل من قبل مصرف لبنان إلا في حال التقلبية الشديدة، عملية كبح لتفلت سعر الصرف في المرحلة الأولى يليه تحسناً ملموساً إذا ما ترافق ذلك مع إجراءات إصلاحية ودعم مالي دولي وتمكّنا من ضخّ الدمّ من جديد في شرايين الاقتصاد الوطني، ناهيك عن ضرورة الإنتهاء من عملية ترسيم الحدود وإنطلاق قطار التنقيب عن النفط والغاز، ما من شأنه أن يُؤمّن الإستقرار الإقتصادي المنشود والقادر على إخراج لبنان من فخّ الركود التضخمي في بضعة أعوام قليلة نظراً لجحم الاقتصاد اللبناني المنكمش، وذلك بالتوازي مع إستقرار مالي ونقدي من شأنه أن يوحّد أسعار صرف الدولار مقابل الليرة عند مستويات معقولة نسبياً.”
ووفقاً لقانصو “السيناريو الثاني أو التشاؤمي وهو الأكثر احتمالاً حتى الساعة والذي ينطوي على فراغ حكومي قاتل يليه فراغ رئاسي في مرحلة لاحقة خاصة في ظل الإنقسام العامودي الحادّ المتجلّي في مجلس النواب وتشنّج المناخ الجيوسياسي في المنطقة”.
واعتبر أن “هذا الواقع سيكون بمثابة انتحار جماعي يحمل في طيّاته آفاق سوداوية في ما يخصّ سعر صرف الدولار، لاسيّما في ظلّ رفع دعم بات شبه كامل عن السلع الأساسية وتوجّه معظم تجّار السلع نحو السوق السوداء، اضافةً الى انعكاسات إقرار الدولار الجمركي المرتقب وغيره من الإجراءات الأخرى كتعديل أسعار خدمات الإتصالات والإنترنت وتعديل غير مدروس وعشوائي للأجور، على نسب تضخم الأسعار وعلى تآكل القدرة الشرائية للمواطنين، دون أن ننسى تضاؤل فعالية منصة صيرفة وفق التعميم 161 نظراً للشح الحادّ في احتياطيات مصرف لبنان الأجنبية، حتى وإن تمّ التمديد للتعميم 161 على الورق والقلم.”
وأكد قانصو على “إن هذا السيناريو قد يترافق مع اضطرابات اجتماعية قد تدفع إلى ارتفاع معدّلات النشل وبالتالي قد يأخذ البلاد بإتجاه الفوضى “الخلّاقة” لا قدّر الله.”
وشدد على أن “تسليط الضوء على هذا السيناريو التشاؤمي لا يهدف إلى إحباط الناس، إنما إلى حث الطبقة السياسية على المضي قدماً في عملية إصلاح الاقتصاد الوطني تجنّباً للمخاطر الناجمة عن هكذا سيناريو غير مرغوب به على الإطلاق.”
ألمصدر : اميمة شمس الدين – leb economy