في جديد تداعيات الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان، لم يعد الحصول على ربطة خبز سهلاً، بل بات المواطن يقضي ساعاتٍ وربما يوماً كاملاً أمام الأفران، بانتظار تأمينها.
ومطلع الأسبوع الحاليّ، تفاقمت أزمة الخبز في لبنان، ما انعكس ازدياداً في طوابير المواطنين أمام الأفران في مختلف المناطق.
وما زاد الضغط على قسمٍ كبير من الأفران، هو إغلاق أفران عدة أبوابها بسبب عدم توافر مادة الطحين لديها.
العدد القليل من الأفران الذي تابع عمله بإنتاج وبيع الخبز، اتّبع سياسة تقنين توزيع الخبز، لتمتدّ طوابير المواطنين مسافاتٍ طويلة أمامها، لم تخلُ من وقوع مشاكل.
الخبز بالسوق السوداء
قبل عام، كان سعر ربطة الخبز مستقراّ عند سعر 1500 ليرة لبنانية فقط (دولاراً واحداً وفق سعر الصرف الرسمي 1575 ليرة)، أما اليوم فوصل سعرها الى 16 ألف ليرة لبنانية وفق السعر المحدد من قبل وزارة الاقتصاد (10 دولار وفق السعر الرسمي للصرف).
كما دخل الخبز، خلال الأيام الماضية، في أروقة السوق السوداء خاصة في البقاع والشمال، حيث وصل سعر الربطة الى 30 ألف ليرة لبنانية، أي ضعف السعر الرسمي والمشرع من قبل الدولة.
تبادل اتهامات
أصحاب المطاحن بادروا إلى اتهام المسؤولين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، بعدم توفير الكميات اللازمة من الطحين المدعوم لصناعة الخبز.
بالمقابل، اتهم وزير الاقتصاد والتجارة في الحكومة أمين سلام، في تصريحات إعلامية “بعض الأفران بتخزين الطحين المدعوم أو استخدامه في صناعة منتجات غير مدعومة كالحلويات وغيرها”، الأمر الذي نفاه أصحاب الأفران.
ويستورد لبنان معظم احتياجاته السنوية من القمح (بمعدل 600 ألف طن)، من أوكرانيا وروسيا، إضافة إلى السكر والزيوت النباتية.
وفي 24 فبراير/شباط الماضي، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية “مشددة” على موسكو.
هذه الأزمة انعكست صعوبة في نقل القمح إلى بلدان كثيرة حول العالم، بما في ذلك لبنان، الأمر الذي فاقم من أزمته الغذائية.
أفران أم حلبة مصارعة!
منذ بدء أزمة الخبز في لبنان مطلع الأسبوع، أظهرت فيديوهات انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، حصول إشكالات عدة أمام الأفران في طرابلس (شمال)، وبعلبك والبقاع (شرق)، وبيروت (وسط)، تطوّر بعضها إلى إطلاق نار في الهواء.
كلّ هذه الإشكالات دفعت نقابات المخابز والأفران اللبنانية، في بيان، إلى طلب “تأمين الحماية الأمنية للأفران التي تعمل والتي تشهد طوابير من المواطنين أمامها”.
وحذّرت النقابة من أنها “لن تستمرّ بالعمل وسط الفوضى والطوابير التي تمنع الأفران من القيام بدورها من دون مشاكل في هذه الفترة الدقيقة التي تمرّ بها البلاد”.
مشهد الغضب واحد
مشهدٌ واحدٌ يمكن ملاحظته عبر المناطق اللبنانية، وجوهٌ غاضبة وعابسة تنتظر أمام الأفران، وخيبة أمل من الأوضاع البائسة التي وصل إليها الشعب اللبناني.
ويقول مواطن ستّيني من أمام أحد أفران بيروت، لـ”الأناضول” إن الشعب اللبناني جاع وتعب لدرجة أنه لا يستطيع أن ينزل إلى الطريق للتظاهر والاحتجاج على الوضع المعيشي”.
بدورها، جزمت سيدة أربعينية لـ”الأناضول”، “إننا في لبنان نعيش بأسوأ من جهنم”، رافضةً مبدأ الانتظار بطابور من أجل الحصول على الخبز.
الحلّ قريب
وسط هذا المشهد السوداويّ غير المسبوق في لبنان، أعلن وزير الاقتصاد أمين سلام، أنه “سيدخل 49 ألف طن من القمح إلى لبنان نهاية هذا الأسبوع”.
الأمر الذي أكد أيضاً للـ “الأناضول”، محمد شعبان، صاحب أحد الأفران غربيّ بيروت.
ويقول شعبان إن “الطوابير في اليومين والساعات الأخيرة حصلت بسبب تأخر وصول الطحين إلى الأفران، وبالتالي تأخّر إنتاج الخبز”.
ويشير إلى أن “الأزمة في طريقها إلى الحلّ خلال 24 ساعة، ليصبح عقبها الطحين متوفّراً في الأفران والمتاجر والسوبرماركات”.
ويوضح شعبان أن القمح بات متوفراً في الأفران، وأنه حان دورها لتنتج الخبز وتُغرق السوق به من جديد.
ومنذ نحو 3 أعوام، يعاني اللبنانيون أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة، أدّت إلى انهيارٍ قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلاً عن شحّ في الوقود والأدوية، وانهيار القدرة الشرائية بشكل قياسيّ.
المصدر : ستيفاني راضي- الاناضول