يمكن أن يتحرك خرطوم الفيل المليء بالعضلات والخالي من العظام؛ في اتجاهات عديدة، وهو قادر على أداء العديد من المهام، مثل تمزيق أوراق الشجر وامتصاص الماء، ولقد ألهمت هذه القدرات عشاق الطبيعة بالإضافة إلى المهندسين في مساعيهم لبناء روبوتات قادرة على تحقيق أداء مماثل من المرونة والقوة.
وقال ريتشارد سيما، في مقاله الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) الأميركية، إن خرطوم الفيل هو أكثر من مجرد عضلة، وتعتمد قدراته على شيء واضح، ولكنه غالبا ما يتم تجاهله، وهو الجلد الزائد.
قدرات الخرطوم في جلده
وذكر الكاتب أن الباحثين أفادوا -في دراسة نُشرت في 18 يوليو/تموز الجاري بمجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم “بناس” (PNAS) في الولايات المتحدة- أنه بسبب الاختلافات الرئيسية بمرونة الجلد في مناطق مختلفة، يمتد خرطوم الفيل أكثر في الجانب العلوي الذي يواجه الخارج أكثر من الجانب السفلي بالقرب من الفم.
خرطوم الفيل
يمكن أن يتحرك خرطوم الفيل المليء بالعضلات والخالي من العظام في اتجاهات عديدة (شترستوك)
ويقول أندرو شولز -وهو طالب دكتوراه في الهندسة الميكانيكية بمعهد جورجيا للتكنولوجيا والذي أجرى الدراسة الجديدة- إن “الخرطوم عبارة عن أداة عضلية متعددة يمكنها القيام بكل هذه الأشياء”، وقد تحدى شولز وزملاؤه فيلين أفريقيين -ذكر وأنثى- لإطالة خرطوميهما أفقيا للحصول على طعام موضوع بعيدا.
وأوضح الكاتب أن بساطة هذه الحركة الممتدة، دليل على عدم تعقيد عمل الخرطوم، فعند مشاهدته بكاميرا عالية السرعة، لا يتمدد خرطوم الفيل بشكل موحد كما تفعل الزوائد العضلية الأخرى.
وبدلا من ذلك، يمتد طرف الخرطوم إلى الخارج أولا، ويتبعه النصف الأمامي، حيث يفترض الباحثون أن هذا السلوك المتداخل قد يكون أكثر كفاءة في استخدام الطاقة من تحريك الخرطوم بأكمله.
وبتحليل أكثر تفصيلا، لاحظ الباحثون عدم تناسق غريب يظهر على الخرطوم، حيث قال شولز “مع استطالة خرطوم الفيل، كان النصف المتجه للأعلى يمتد بنسبة 15% أكثر من النصف المواجه للأسفل”.
وأشار الكاتب إلى أن الباحثين في البداية اعتقدوا أن هذا الاختلاف من أعلى إلى أسفل في تمدد الخرطوم كان خطأ، لكن المزيد من الاختبارات الميكانيكية فندت هذه الشكوك، فعندما قام الباحثون بمد عينات جلد مأخوذة من جذع مجمد محفوظ لفيل ميت، وجدوا أن الجلد في الجزء العلوي، مع طياته الطويلة، كان أكثر مرونة بنسبة 15% من الجلد من أسفل الجذع.
ميزات تتوافق مع الوظائف
وأكد الكاتب أن هذه الميزات المختلفة تتوافق مع الوظائف المميزة التي يوفرها الجلد، حيث قال شولز إن السطح العلوي لخرطوم الفيل يحتاج إلى حماية من الشمس ومن الحيوانات الأخرى، وله درع مرن يحتوي على هذه الطيات العميقة التي يمكن حقا تمديدها بسهولة. وعلى النقيض من ذلك، فإن الجانب السفلي من الجذع مغطى بتجاعيد أصغر ويستخدم للإمساك بالأشياء وتحريكها، ولكن نادرا ما يرى ضوء النهار.
وقال ميشيل ميلينكوفيتش -وهو الأستاذ في جامعة جنيف الذي أجرى بحثا عن التعقيد الميكانيكي الحيوي لخراطيم الفيلة ونشر في دورية “كارنت بيولوجي” (Current Biology) في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2021، والذي لم يشارك في الدراسة- إن هذه الدراسة الجديدة تذكير جيد بـ”مشاركة الجلد نفسه في الميكانيكا الحيوية”.
وأضاف أنه “لم يقم أحد بالفعل بدمج هذا في الروبوتات”، وبينما يكشف البحث عن إمكانيات جديدة للروبوتات المستقبلية التي تحاكي بدقة أكبر قوى خرطوم الفيل، فإنه يؤكد أيضا على أهمية الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض.”الجزيرة”