يؤشر عدم تحديد رئيس الجمهورية ميشال عون موعداً لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، للبحث في الملف الحكومي، إلى أن الأمور وصلت فعلاً إلى الحائط المسدود، وأن الطرفين أصبحا على قناعة شبه تامة أنه لن تتشكّل حكومة في ما تبقّى من ولاية العهد الحالي، على اعتبار أن البلد دخل فعلاً في مدار الانتخابات الرئاسية التي سيبدأ موعدها الدستوري في الأول من أيلول المقبل. وحتى أن الموفدين الأجانب الذين زاروا لبنان في الأسابيع القليلة الماضية، باتوا هم أيضاً مقتنعين أنه لن تتألف حكومة في الوقت المتبقي من حكم الرئيس عون، بعدما أصبح الاهتمام منصباً على الانتخابات الرئاسية التي تستحوذ على تحركات المسؤولين.
وأبلغ دليل على عدم توقّع تشكيل حكومة، هو ما نقل عن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي استبعد وفق المعطيات المتوافرة لديه ولادة حكومة، بعدما أصبح هناك اقتناع ببقاء حكومة تصريف الأعمال، حتى موعد الانتخابات الرئاسية.
توازياً، يشهد ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، تقدّماً متسارعاً على أكثر من صعيد، حيث علم أن الإدارة الأميركية تقود مساعي حثيثة قد تؤدي إلى حلول جذرية واتفاق قريب للترسيم. وعلم أن زيارة سيقوم بها كبير مستشاري أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين إلى بيروت في 31 تموز و1 آب يُفترض أن يحمل في خلالها نتاج مباحثاته المكوكية خصوصا تلك التي أجراها في خلال مرافقته الرئيس الأميركي جو بادين في زيارته الأخيرة إلى المنطقة في محطتها في تل أبيب، في حين أشارت معلومات إلى أن الدبلوماسية اللبنانية وضعت في أجواء زيارة هوكشتاين المنتظرة، حيث يتوقع عقد لقاءات رسمية لبلورة الموقف الذي سيبلغ للوسيط الأميركي، في ضوء استعداد بيروت للسير قدماً في هذا الملف حتى إنجازه.
وفيما تسود لدى المراجع الرسمية اللبنانية أجواء تفيد بقرب إبرام إتفاق ترسيم الحدود البحرية بما يضمن حقّ لبنان بموارده الطبيعية وباستخراج هذه الموارد، كشف نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب عن إيجابيات وحققت على هذا الصعيد. وقد علم أن شركة توتال أبلغت الجهات الرسمية اللبنانية استعدادها استئناف عملها بموجب الاتفاق الذي حصل معها سابقا وذلك بمجرّد التوصّل إلى إتفاق ترسيم الحدود، الأمر الذي ترك ارتياحا لدى المراجع اللبنانية من مسار الأمور والتطورات التي تسجل جراء الدينامية التفاوضية الحاصلة والتي تؤكد جديّة الوساطة الأميركية بشأن الترسيم.
وفي الوقت الذي لا زالت تتفاعل تداعيات توقيف المطران موسى الحاج، لفتت الرسائل التي وجهها البطريرك بشارة الراعي في يوم التضامن معه أول أمس من الديمان، والتي توجه بها إلى «حزب الله» والدائرين في فلكه. حيث أجمع الحضور من شخصيات سياسية وشعبية، على أن استهداف بكركي لن يمرّ بالسهولة التي يتوقعها البعض، وأن ما بعد توقيف المطران الحاج ليس كما قبله، بالنظر إلى حجم التعاطف مع البطريركية المارونية، في مواجهة ممارسات «حزب الله»، في وقت بدا لافتاً ما قاله المدير العام للأمن العام اللواء عباس إيراهيم، من أنه لو كانت هناك إشارة قضائية بحق والده، فإنه لن يتأخر في توقيته. وهذا يؤكد أن توقيف المطران الحاج اتخذ على أعلى المستويات. ومن شأن هذه المواجهة برأي مصادر سياسية، أن تزيد حماوة الأوضاع الداخلية، وما يتصل بالكثير من الملفات، وتحديداً ما يتصل بالانتخابات الرئاسية.
وقد علم في هذا الخصوص، أن البطريركية المارونية أسقطت من حساباتها، أي خيار لترشيح أو دعم رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، أو رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لرئاسة الجمهورية، بعدما سبق للبطريرك بشارة الراعي أن حدد مواصفات الرئيس العتيد، والتي لا تنطبق على هذين الشخصين.
وأشارت المعلومات، إلى أنه وبانتظار تحديد موعد الجلسة الأولى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بدءاً من أول أيلول، فإن البطريركية المارونية ستقوم بمشاورات مكثفة داخلية وخارجية، من أجل بلورة تصور مشترك لتحديد شخصية مارونية، تنطبق عليها المواصفات التي حدّدها البطريرك الراعي الذي يحرص أن يكون رئيس الجمهورية من خارج الاصطفافات السياسية الحادة، ولا يمثل تحدّياً لأي طرف، لا في الداخل ولا في الخارج.
وعلم أن تواصلاً دبلوماسياً، عربياً ودولياً، بدأ مع البطريرك الراعي وقيادات مسيحية، للبحث في تطورات الملف الرئاسي، مع بدء العد العكسي لدخول لبنان في الموعد الدستوري لهذا الاستحقاق، في الأول من أيلول المقبل.