حتى مع ظروف اقتصادية مواتية لازدهاره، تراجع الذهب هذا العام وسط أداء أضعف بكثير من أداء الدولار الأميركي.
كان يُنظر إلى المعدن الثمين تقليدياً على أنه وسيلة تحوط من التضخم وملاذ آمن في أوقات عدم اليقين الاقتصادي. لكن على الرغم من ارتفاع التضخم والمخاوف المتزايدة من الركود، انخفض الذهب بنسبة 15٪ منذ أن قفز إلى أعلى مستوى فوق 2000 دولار للأونصة في أوائل مارس الماضي، وخسر 5٪ على أساس سنوي حتى الآن.
في غضون ذلك، قفز مؤشر الدولار الأميركي بنسبة 9٪ منذ أوائل مارس، وارتفع بنسبة 11٪ منذ بداية العام.
هذا يمثل “لحظة حقيقة” للذهب، وفقاً لمحلل السوق في OANDA، جيفري هالي، حيث كتب في مذكرة حديثة للمستثمرين أن الذهب لم يكن قادراً على الاستفادة من التراجع الأخير للدولار خلال الأسبوع الماضي.
ومضى قائلاً: “يبدو أن الذهب يواجه مخاطر هبوط مادية وشيكة إذا تم تصديق الصورة الفنية”.
مع ارتفاع معدل التضخم بأميركا إلى أعلى مستوى له في 4 عقود عند 9.1٪ على أساس سنوي، كان من الفترض أن يكون عام 2022 نظرياً الوقت المناسب لتألق الذهب. وتدق وول ستريت على نحو متزايد ناقوس الخطر من أن الاقتصاد الأميركي سينزلق إلى الركود في وقت ما من هذا العام أو العام المقبل. لكن يوم الخميس الماضي، سجل الذهب أدنى مستوى في 16 شهراً عند 1680 دولاراً للأوقية.
في الوقت نفسه، يقترب الدولار من أعلى مستوياته في 20 عاماً، مستفيدًا من الاحتياطي الفيدرالي الذي يرفع أسعار الفائدة القياسية بقوة. ومنذ مارس، قام البنك المركزي الأميركي برفع أسعار الفائدة بشكل تدريجي بمقدار 25 و 50 و 75 نقطة أساس. وبعد اختتام الاجتماع التالي يوم الأربعاء المقبل، يتوقع المحللون زيادة أخرى بمقدار 75 نقطة أساس، أو ربما 100 نقطة.
في الواقع، تعد الأسعار محركاً رئيسياً للذهب لأن المعدن لا يقدم عائداً، مما يعني أن الذهب يرتبط ارتباطاً سلبياً بالدولار، وفقاً لما نقله Business Insider عن محلل السلع في UBS جيوفاني ستونوفو.
في ظروف معينة، مثل أوقات الخوف والتقلبات المتزايدة، يقفز الطلب على الأصول الآمنة. وأضاف ستونوفو أن هذا يجعل الارتباط بين الذهب والدولار إيجابياً، كما حدث خلال الأزمة المالية لعام 2008.
إن هيمنة الدولار كعملة مفضلة لتسعير السلع تعمل كعامل مؤثر آخر على الذهب. فعندما يكون الدولار قوياً، يميل ذلك إلى الضغط الهبوطي على أسعار الذهب. ومع استمرار هذه الاتجاهات، تبدو النظرة المستقبلية للذهب قاتمة.
قال ستونوفو أيضاً: “بينما ساعدت أسواق الأسهم المتذبذبة وعدم اليقين في السوق، الذهب في وقت سابق من هذا العام، كان ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية في الولايات المتحدة هو المحرك الرئيسي الذي يؤثر على أسعار الذهب”.
وتابع قائلاً: “نظرًا لأننا نرى التضخم في مستويات عالية جدًا ويشدد بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسته النقدية، نتوقع أن تؤثر التدفقات الخارجة من حيازات صناديق ETF على أسعار الذهب”.
المصدر: العربية