خلّفت الانتخابات النيابية الأخيرة أضراراً جسيمة على غير مستوى وصعيد حتى بين “الرفاق” والحلفاء والأصدقاء وجميعهم حتى اليوم ينكبّون على تقييم ما حصل، “والتقليع” من جديد ضمن رؤية مغايرة عن السابق على ضوء القراءة المتأنية لما جرى من خلل “وأعطاب” بالجملة والمفرّق بين هذه اللائحة وتلك وهذا الفريق وذاك.
والسؤال المطروح في سياق هذه الأجواء: هل من قطيعة بين “التيار الوطني الحر” وكل من الوزيرين السابقين وئام وهاب وطلال أرسلان على اعتبار أنهما كانا على لائحة واحدة وجمعتهما منذ عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من المنفى علاقة تحالفية سياسية وانتخابية؟
مصادر مواكبة ومتابعة لهذه المعطيات ولا سيما على خطوط ميرنا الشالوحي مروراً بخلدة وصعوداً الى الجاهلية، تشير بداية الى أن الفرق في الانتخابات السابقة وهذه المرحلة أن “التيار الوطني الحر” أعطى في المرة الماضية الحاصل للنائب السابق طلال أرسلان لكن في الانتخابات الأخيرة، فإن كلاً من وهاب وأرسلان أعطيا الحاصل لثلاثة نواب عونيين، وهنا الفرق الذي يجب التوقف عنده وعدم تجاوزه لما يحمل من أكثر من دلالة وإشارة على صعيد هذه النتيجة بين الفريق الواحد.
أما السؤال المركزي فهو: هل من قطيعة بين كل من وهاب وأرسلان مع التيار البرتقالي؟
هنا يُنقل وفق المتابعين والمواكبين لهذا المسار، أن ثمة اتفاقاً بين رئيسي تيار التوحيد العربي والديموقراطي اللبناني حول استراتيجية جديدة في التعاطي السياسي وعلى كل الصعد مع جميع الحلفاء، وثمة ترقب لتبلور هذه الرؤية والاستراتيجية لتجري مناقشتها مع الجميع بمن فيهم “التيار الوطني الحر”، كاشفة أنه كان هناك اتفاق بما معناه إذا نجح وهاب وأرسلان في الانتخابات الأخيرة، فإن كلاً من النائبين غسان عطاالله وسيزار أبو خليل سيمثلانهما، وبالتالي هذا الاتفاق يجب أن يُترجم حالياً بأن يكونا أي أبو خليل وعطا الله جزءاً من كتلة جبل لبنان الجنوبي في سياق التعاون مع رئيسي التوحيد والديموقراطي حتى لو أنهما خارج المجلس النيابي.
وتؤكد المصادر المعنية، أن نواب التيار يتصلون بوهاب وأرسلان، وثمة زيارة مرتقبة قريبة لهم للتشاور والتواصل والتنسيق وتقييم ما حصل، ولكن ذلك سيكون ضمن الاستراتيجية التي يعمل لها الحليفان الدرزيان، لافتة إلى أن رئيس التيار النائب جبران باسيل اتصل بهما في المدة الأخيرة.
وعلى خط آخر، وبعد الانتخابات وما أفضت إليه من نتائج، السؤال الآخر المطروح: هل توقفت عجلة المصالحات ربطاً بأحداث قبرشمون – البساتين وحيث كان الوزير السابق وهاب يعمل على هذا الخط بالتواصل مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وكيف تقرأ الأوساط المتابعة هذه المسألة؟ هنا يُنقل أنه على الرغم من كل ما رافق الانتخابات الأخيرة من حملات ومساجلات، فإن ذلك يبقى ضمن اللعبة الانتخابية وأدواتها وعدتها، والمعلومات تؤكد إعادة تحريك المساعي الهادفة لاستكمال المصالحة وتسوية هذا الملف، إذ يُنقل عن تواصل بين كل من وهاب ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بشكل غير مباشر للوصول الى حلّ هذه المعضلة لإراحة الناس وطيّ الملف الذي يريح الساحة الدرزية، وثمة أجواء عن اتصالات جرت لهذه الغاية بين رئيس حزب التوحيد ورئيس وحدة الارتباط في “حزب الله” وفيق صفا، وسبق للأخير أن تشاور مع جنبلاط فيما وهاب ينسّق بدوره مع أرسلان المعني أيضاً بشكل أساسي بهذه القضية التي باتت في لمساتها الأخيرة، بانتظار عودة القاضي المكلف التحقيق من الخارج إذ سيتم تسليم أحد المقربين من أرسلان أمين السوقي الى القضاء والحل المرتقب قد يكون خلال شهر.
وبصدد تعليق أوساط وهاب على لقاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي مع النائب العوني غسان عطا الله، تؤكد أنه بمعزل عن التباينات فإنها تدعم وتبارك أي خطوة ومن أي كان من شأنها أن تشكل مدخلاً لأمن واستقرار الشوف والجبل، وعلى المستوى الوطني العام، ولا سيما في هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية والحياتية الصعبة، فالناس تكفيهم همومهم ومعاناتهم وليسوا بحاجة لتحمّل وزر أي خلافات سياسية أو تصعيد وانقسامات، من هذا المنطلق يبقى الحوار السبيل الأجدى لتحصين الجبل.
وأخيراً، يظهر جلياً أن ما يحصل بين التيار الوطني الحر وكل من وهاب وأرسلان، إنما يصبّ في خانة إعادة تقييم المرحلة السابقة، فالعلاقة لم تكن بينهما على ما يرام ربطاً بالانتخابات الأخيرة وكل ما واكبها ورافقها، ولهذه الغاية فإنهما من خلال الاستراتيجية الجديدة والرؤية التي يعملان لها قد يكون هناك تفاهم ضمن هذه العناوين.
المصدر: النهار