تتوقف مصادر مالية متابعة عند حجم الانهيار الذي بدأ يضرب أوروبا عشية الوصول إلى فصل الشتاء، وبعد أقل من 5 أشهر فقط على بدء الحرب الروسية على أوكرانيا لتجري جملة من المقارنات بين ما يحصل في أوروبا وبين ما حصل في لبنان.
في المقابل تقارن المصادر المالية كيف صمد لبنان حوالى 15 عاماً منذ بدأت موجة العنف مع محاولة اغتيال النائب مروان حمادة ومن ثم اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، إلى كل سلسلة الاغتيالات التي استمرت وصولاً إلى اغتيال الوزير الشهيد محمد شطح وأخيرا الكاتب لقمان سليم. بالتزامن أيضا شهد لبنان حرب تموز 2006 التي تسببت بخسائر مباشرة وغير مباشرة بقيمة تفوق الـ15 مليار دولار، وبعدها تم شل العاصمة بيروت اعتبارا من كانون الأول 2006 وصولاً إلى اجتياح العاصمة والجبل في أيار 2008 بعد تعطيل المؤسسات لسنة ونصف السنة. ولم تنتهِ الأزمات عند هذا الحد، بل تجاوز لبنان الأزمة المالية العالمية في الـ2008-2009 بنجاح تام، وبعدها تمت الإطلاحة بالرئيس سعد الحريري مع القمصان السود في كانون الثاني 2011 ثم انطلقت الحرب السورية اعتبارا من آذار 2011 وشهد لبنان تداعيات كارثية لها عسكريا واقتصاديا وماليا بحيث بلغت كلفة هذه الحرب عليه عشرات مليارات الدولارات في غياب أي مساعدات فعلية. كما انخرط “حزب الله” في الحروب الخارجية من سوريا مروراً بالعراق وصولا الى اليمن ما أدى إلى قطيعة خليجية للبنان في السياحة والاستثمارات وصولا إلى منع الصادرات اللبنانية. ووصلت الأمور إلى حد أن تشهد العاصمة اللبنانية أكبر انفجار غير نووي في التاريخ البشري ويتدمر نصفها مع مرفئها…
وتشرح المصادر أن أوروبا بكل عظمتها الاقتصادية وحجم مدخول دولها وإمكاناتها المالية ورفاهية العيش فيها، صمدت أقل من 5 أشهر من الحرب التي قامت بها روسيا على أوكرانيا اعتباراً من 24 شباط الماضي. ففي أقل من 5 أشهر انهار اليورو وتراجع حوالى 20 في المئة مقارنة بالدولار الأميركي، كما وصل حجم التضخم في أوروبا إلى أكثر من 8 في المئة وارتفعت نسبة البطالة بما لا يقل عن 10 في المة، كما أن عدداً من المصارف الأوروبية بدأت تعاني أزمة مالية خطرة فرضت عليها اتخاذ إجراءات صارمة تقيّد السحوبات، ووصل الأمر ببعض المدن الألمانية إلى حد إطفاء إشارات السير المرورية والتحضير لغرف عامة للتدفئة بسبب أزمة الغاز. وتؤكد المصادر المالية أن أوروبا لن تتمكن من الصمود سنة واحدة حتى الصيف المقبل ماليا واقتصاديا في حال استمرت الحرب في أوكرانيا، ما يعني انهياراً مالياً واقتصادياً شاملاً في معظم الدول الأوروبية…
وتؤكد المصادر المالية أنه لولا سياسات حاكم مصرف لبنان تحديداً وقدرات المصارف اللبنانية لكان يُفترض علمياً أن ينهار لبنان في العام 2006 كحد أقصى، لكن السياسات الذكية للحاكم رياض سلامة وقدراته على التنظيم والحماية واستقطاب الأموال أمّنت صمود لبنان واللبنانية 15 عاماً إضافية في غياب أي سلطة سياسية قادرة وصاحبة رؤية وتخطيط، لا بل في ظل أسوأ أنواع الحكام الفاسدين الذين امتنعوا عن القيام بأي إصلاح بدءًا من الكهربا والقطاع العام وصولاً إلى كل القطاعات.
وتختم المصادر المالية: بربكم أيها اللبنانيون من الأجدى لكم أن تقيموا التماثيل لرياض سلامة لا أن تحاكموه وتشوّهوا سمعته، ولربما ينطبقوا عليكم المثل الشهير: “لن تعرفوا خيره إلا حين تجرّبون غيره”!